ويروى عن خالد بن معدان ايضا عبارة اخرى قريبة من العبارة السابقة مع زيادة ، يقول فيها : «ما من الناس احد إلا وله اربع أعين ، عينان في وجهه لمعيشته ، وعينان في قلبه ، وما من أحد إلا وله شيطان متبطن فقار ظهره ، عاطف عنقه على عنقه ، فاغر فاه إلى ثمرة قلبه ، فإذا أراد الله بعبد خيرا أبصرت عيناه اللتان في قلبه ما وعد الله من الغيب ، فعمل به وهما غيب فعمل بالغيب ، وإذا أراد الله بعبد شرا تركه».
ويشير «تفسير المنار» إلى ان التدبر للقرآن الكريم هو طريق الهداية السليم وصراط الحق المستقيم ، وان تدبر القرآن فرض على كل مكلّف بحسب قدرته وطاقته ، وهذا التدبر هو الذي يحقق للإنسان الاستقلال في الفهم والإدراك ، ويصونه من فساد التقليد والمتابعة العمياء. ثم يقول : «يجب على كل مسلم أن يتدبر القرآن ، ويهتدي به بحسب طاقته ، وانه لا يجوز لمسلم قط أن يهجره ويعرض عنه ، ولا ان يؤثر على ما يفهمه من هدايته كلام أحد من الناس لا مجتهدين ولا مقلدين ، فإنه لا حياة للمسلم في دينه إلا بالقرآن ، ولا يوجد كتاب لإمام مجتهد ، ولا لمصنف مقلد ، يغني عن تدبر كتاب الله في إشعار القلوب عظمة الله تعالى وخشيته وحبه ، والرجاء في رحمته والخوف من عقابه ، ولا في تهذيب الأخلاق وتزكية الأنفس ، وتنزيهها عن الشرور والمفاسد ، وتشويقها إلى الخيرات والمصالح ، ورفعها عن سفساف الأمور إلى معاليها ، ولا في الاعتبار بآيات الله في الآفاق ، وسننه في سير الاجتماع البشري وطبائع المخلوقات ، ولا في غير ذلك من ضروب الهداية التي امتاز بها على سائر الكتب الإلهية ، فكيف تغني عنه فيها المصنفات البشرية.
أما وسرّ القرآن لو ان المسلمين استقاموا على تدبر القرآن والاهتداء به في كل زمان ، لما فسدت اخلاقهم وآدابهم ، ولما ظلم أو استبد حكامهم ؛ ولما زال ملكهم وسلطانهم ، ولما صاروا عالة في معايشهم واسبابها على سواهم.
هذا التدبر والتذكر الذي نطالب به المسلمين آنا بعد آن ، كما هي سنة