يقلب الحصى ، أو يعبث بشيء ، أو يحدث نفسه بشيء من أمور الدنيا الا ناسيا.
وهذا هو الصوفي حاتم الأصم يسأله سائل عن صلاته ، فيقول : اذا حانت الصلاة أسبغت الوضوء ، وأتيت المكان الذي أريد الصلاة فيه ، فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي ، ثم أقوم الى صلاتي ، وأجعل الكعبة بين حاجبي ، والصراط تحت قدمي ، والجنة عن يميني ، والنار عن شمالي ، وملك الموت ورائي ، أظنها آخر صلاتي ، ثم أقوم بين الرجاء والخوف ، وأكبر تكبيرا بتحقيق ، وأقرأ قراءة بترتيل ، وأركع ركوعا بتواضع ، وأسجد سجودا بتخشع ، وأقعد على الورك الأيسر ، وأفرش ظهر قدمها ، وأنصب القدم اليمنى على الابهام ، وأتبعها الاخلاص ، ثم لا أدري أقبلت مني أم لا!.
*
ونعود الى حديث القنوت في القرآن الكريم ...
لعل من جلال شأن هذه الفضيلة الأخلاقية السامية التي لا يتخلق بها على وجهها القويم الا كل مخلص كريم ، أن نجد كتاب الله العلي الكبير يحلي بهذه الفضيلة جيد خليل الرحمن وابي الأنبياء ابراهيم عليهالسلام ، فيقول عنه في سورة النحل : (ان ابراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا لم يك من المشتركين) (١). أي ان ابراهيم كان من كماله وسمو أخلاقه يجمع فضائل لا تكاد توجد الا متفرقة في أشخاص كثيرين ، وكان مطيعا لربه قائما بأوامره في اخلاص واحسان ودوام على الطاعة ، وكان موقنا بألوهية الله سبحانه دون سواه ، وكان خاضعا له خاشعا يواظب على عبادته والتقرب اليه ، ولا عجب فقد كان ـ كما يقول بعض
__________________
(١) سورة النحل ، الآية ١٢٠.