قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) (١)» ومعنى قانتات أنهن مواظبات على الطاعة ، ملازمات للعبادة ، مداومات للخشية والخشوع والخوف من الله عزوجل.
ويتحدث القرآن عن مريم البتول الطاهرة العذراء ، ومن حديثه نفهم أن الله تعالى يطلب الى مريم أن تحرص على فضيلة القنوت التي تجعل المرأة على الدوام موصولة الأسباب بحمى رب الأرباب ، فلا يكون منها الا الطهر والعمل الصالح. يقول القرآن في سورة آل عمران : (واذ قالت الملائكة يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ، يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) (٢). أي اعبديه وأخلصي له في العبادة ، وأديمي له الطاعة ، وواظبي على التقرب اليه ، أو كما يقول القشيري في «لطائف الاشارات» : «لازمي بساط العبادة ، وداومي على الطاعة ، ولا تقصري في استدامة الخدمة ، فكما أفردك الحق بمقامك ، كوني في عبادته أوحد زمانك».
ولقد استجابت مريم لتوجيه ربها ، واعتصمت بفضيلة قنوتها ، وحمد القرآن الكريم لها ذلك ، وخلد في آياته ذكرها ، فقال عنها في سورة التحريم وهو يضربها مثلا للايمان : (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين) (٣). أي كانت من المواظبين على الطاعة ، ولم تقصر في طاعتها عن طاعة الرجال الكاملين ، ولذلك عدها القرآن من جملتهم.
ويتحدث القرآن عن النساء وموقفهن من الرجال ، فيذكر فيما يذكر أن الزوجة الصالحة هي التي تتحلى بفضيلة القنوت وصدق الطاعة
__________________
(١) سورة التحريم ، الآية ٥.
(٢) سورة آل عمران ، الآية ٤٢ و ٤٣.
(٣) سورة التحريم ، الآية ١٢.