لا يستحق على خدمته لسيده عوضا ولا أجرة ، اذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته ، فما يناله من سيده من الأجر والثواب تفضل منه ، واحسان اليه ، وانعام عليه ، لا معاوضته ، اذ الأجرة انما يستحقها الحر ، أو عبد الغير ، فأما عبد نفسه فلا.
والذي يخلصه من رضاه بعمله وسكونه اليه أمران : أحدهما مطالعة عيوبه وآفاته ، وتقصيره فيه ، وما فيه من حظ النفس ونصيب الشيطان ، فقلّ عمل من الأعمال الا وللشيطان فيه نصيب وان قل ، وللنفس فيه حظ.
سئل النبي صلىاللهعليهوسلم عن التفات الرجل في صلاته ، فقال : «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد».
فاذا كان هذا التفات طرفة أو لحظة ، فكيف التفات قلبه الى ما سوى الله؟. هذا أعظم نصيب الشيطان من العبودية.
وقال ابن مسعود : «لا يجعل أحدكم للشيطان حظا من صلاته ، يرى أن حقا عليه : ان لا ينصرف الا عن يمينه». فجعل هذا القدر اليسير النزر حظا ونصيبا للشيطان من صلاة العبد ، فما الظن بما فوقه؟.
أما حظ النفس من العمل : فلا يعرفه الا أهل البصائر الصادقون.
الثاني : علمه بما يستحقه الرب جل جلاله من حقوق العبودية وآدابها الظاهرة والباطنة وشروطها ، وأن العبد أضعف وأعجز ، وأقل من أن يوفيها حقا ، وأن يرضى بها لربه ، فالعارف لا يرضى بشيء من عمله لربه ، ولا يرضى نفسه لله طرفة ، ويستحي من مقابلة الله بعمله.
فسوء ظنه بنفسه وعمله وبغضه لها ، وكراهته لأنفاسه وصعودها الى الله يحول بينه وبين الرضى بعمله والرضى عن نفسه».
*