(ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون) (١). ويقول في سورة الاحقاف : (ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون) (٢). ويقول في سورة النجم : (وان ليس للانسان الا ما سعى ، وأن سعيه سوف يرى ، ثم يجزاه الجزاء الأوفى) (٣).
ونوه القرآن المجيد بسمو فضيلة الوفاء حين جعلها صفة للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فقال في سورة النجم : (وابراهيم الذي وفّى) (٤). وذلك لان ابراهيم بذل غاية جهده في كل ما طولب به من ربه ، فبذل ماله في طاعة الله ، وقدم ولده اسماعيل قربانا لله ، حتى فداه الله ، ووفى بكلمات الله المشار اليها في قوله تعالى : (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن) (٥) ، وقاوم الوثنية والاشراك ، وفضل حق ربه على حق أبيه ، واحتمل ابتلاء الاحراق بالنار في سبيل الله ، الى غير ذلك من ألوان الوفاء.
وقال القرآن في سورة مريم : (واذكر في الكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا) (٦). وانما خصه بذكر صفة الوفاء له هنا ، وصدقه في الوعد ، لأنه كان مشهورا بذلك ، وكانت له في هذا الباب أشياء لم تعهد من غيره ، وحسبنا أنه وعد بالصبر على الذبح ، وقال لأبيه : (افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) ووفى بعهده ، وصدق في وعده ، فكان من المخلصين.
__________________
(١) سورة الزمر ، الآية ٧٠.
(٢) سورة الاحقاف ، الآية ١٩.
(٣) سورة النجم ، الآيتان ٤١ و ٤٢.
(٤) سورة النجم ، الآية ٣٧.
(٥) سورة البقرة ، الآية ١٢٤.
(٦) سورة مريم ، الآية ٥٤.