يشير اليه بقوله : (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ). وهناك الوفاء بالنذر الذي يشير اليه بقوله : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) ، وهناك الوفاء بالكيل الذي يشير اليه في قوله : (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ). وهناك الوفاء بالعقود الذي يشير اليه بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» ...) الخ.
ولكن أعلى هذه العقود واجدرها بالرعاية والعناية هو عهد الله جل جلاله الذي أشار اليه القرآن في قوله : (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) وقوله : (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا). وقوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً ، إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ). وقد أشار الله جل جلاله الى جانب من مضمون هذا العهد الالهي حين قال في سورة يس : (ألم أعهد اليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين ، وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) (١).
وهذا العهد الذي أمرنا الله تعالى بالوفاء به قيل هو العهد الفطري الذي ذكره الله في سورة الأعراف بقوله : (واذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ، وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم؟ قالوا : بلى شهدنا ، أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين ، أو تقولوا انما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ، أفتهلكنا بما فعل المبطلون) (٢). وحينما تعرض تفسير «مجمع البيان» لمعنى قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) ذكر ان عهد الله قد رووا فيه عدة وجوه :
أولها : أن هذا العهد هو أن الله تبارك وتعالى عهد اليهم في التوراة
__________________
(١) سورة يس ، الآيتان ٦٠ و ٦١
(٢) سورة الاعراف ، الآيتان ١٧١ و ١٧٢.