أنه باعث نبيا يقال له : محمد ، فمن تبعه كان له أجران اثنان : أجر باتباعه موسى وايمانه بالتوراة المبشرة بمحمد ، وأجر باتباعه محمدا وايمانه بالقرآن ، ومن كفر به تكاملت أوزاره ، وكانت النار جزاءه ، والمعنى : أوفوا بعهدي في محمد ، أوف بعهدكم وهو ادخالكم الجنة.
ثانيها : أنه العهد الذي عاهدهم عليه ، حيث قال لهم : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) أي أطيعوا بجد واجتهاد ، وتذكروا ما في الكتاب من نواه وأوامر.
ثالثها : أنه ما عهده اليهم في سورة المائدة حيث قال : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ ، وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً ، وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ ، لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ. وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ، لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ، وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ ، فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً ، يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ ، وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ، وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ ، إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ، فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
رابعها : أنه أراد جميع الأوامر والنواهي.
خامسها : أنه جعل تعريفهم نعمة الله عهدا عليهم وميثاقا ، لأنه يلزمهم القيام بما يأمرهم به من شكر هذه النعم ، كما يلزمهم الوفاء بالعهد والميثاق الذي يؤخذ عليهم.
وفي تفسير المنار : أن عهد الله تبارك وتعالى المطلوب الوفاء به ، هو العهد الاكبر الذي أخذه الله على جميع البشر بمقتضى الفطرة ، وهو التدبر والتفكر ، ووزن كل شيء بميزان العقل والنظر الصحيح ، لا بميزان