الهوى والغرور. ويقول التفسير : «العهد الذي تقتضيه فطرة الله التي فطر الناس عليها ، هو عهد منه يطالب الناس به ، ويحاسبهم عليه ، ومنه الحنيفية ، وأصلها الميل عن جانب الباطل والشر ، الى جانب الحق والخير ، فقد فطر الله أنفس البشر على الشعور بسلطان غيبي فوق جميع قوى العالم ، وعلى ايثار ما تراه حسنا واجتناب غيره ، وعلى حب الكمال وكراهة النقص. ولكنهم يخطئون في تحديد هذه المعاني ، ويحتاجون الى بيانها لوحي من الله تعالى ، وهو عهد الله المفصّل الذي يرسل به رسله ، لمساعدة الفطرة على تزكية النفس ، وازالة ما يطرأ عليها من الفساد بالجهل وسوء الاختيار».
* * *
وقد أمر الله عز شأنه عباده بأن يتخذوا من فضيلة الوفاء درعا وحصنا وزينة لنفوسهم وأخلاقهم ، فقال في سورة الحج : (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) ، وقال في سورة النحل : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ). وقال في سورة الاسراء : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ). وقال في سورة الانعام : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ).
ومن سمو مكانة الوفاء في حديث القرآن الكريم أن الله جل جلاله جعل الوفاء جزاء لمكارم الاعمال والخصال ، فقال في سورة البقرة : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ). وقال في سورة الانفال : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ). وقال في سورة الزمر : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ).
واذا انتقلنا الى روضة السنة المطهرة المفسرة لكتاب الله سبحانه ،