وجدنا سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمجد فضيلة الوفاء ويرفع قدرها ، فهو يقول : «المسلمون عند شروطهم». وهذا تعبير وجيز بليغ ، يصوّر ارتباط المسلمين بعهودهم ، ووقوفهم عند كلمتهم ، ووفائهم بما يشترطونه على أنفسهم. ويقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه : «عدة المؤمن دين» والعدة هي الوعد. ويقول : «عدة المؤمن كالأخذ باليد».
والرسول عليه الصلاة والسّلام هو الذي ضرب المثل الرائع في الوفاء ، حينما حفظ عهد زوجته خديجة رضي الله عنها ، حفظه في حياتها وبعد مماتها ، ولم يشغله عن ذكراها شاغل ، فكان يكثر من الحديث عنها والثناء عليها ، وحينما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها مشيرة الى خديجة بمقتضى الغيرة : هل كانت الا عجوزا أبدلك الله خيرا منها؟. انكر عليها ذلك وأجابها غاضبا : لا والله ما أبدلني الله خيرا منها ، آمنت بي اذ كفر الناس ، وصدقتني ، اذ كذبني الناس ، وواستني بمالها اذ حرص الناس ، وكانت وكانت ، وكان لي منها ولد.
ويضرب الرسول مثلا رائعا آخر في الوفاء بالوعد ، فقد روى عبد الله ابو الحمساء رضي الله عنه قال : بايعت النبي صلىاللهعليهوسلم ببيع قبل أن يبعث ، وبقيت له بقية (أي من ثمن المبيع) فوعدته أن آتيه بها في مكانه ، فنسيت ، ثم ذكرت بعد ثلاث ، فجئت فاذا هو في مكانه ، فقال : يا فتى ، لقد شققت عليّ ، أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك!.
ولقد روى الامام مسلم في صحيحه أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه كان في مكة عقب هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم الى المدينة ، ثم أراد حذيفة ان يهاجر مع أبيه الى المدينة ، فقبض عليهما المشركون وقالوا لهما : انكما تريدان محمدا. فقالا : ما نريد الا المدينة. ثم أخذ