المشركون عليهما العهود والمواثيق حتى لا يقاتلا مع النبي ، وأعطى حذيفة ووالده على ذلك عهد الله وميثاقه ، ثم هاجرا ، وجاءت غزوة بدر ، فأرادا أن يشاركا فيها ، وأخبرا النبي بما أعطياه للمشركين من عهد وميثاق ، فقال النبي لهما : «انصرفا ، نفي لهم بعهدهم. ونستعين الله عليهم»!.
وكذلك جاء في كتابي «الفداء في الاسلام» أن المسلمين اضطروا أمام ظروف قاهرة ، واستجابة لنظرة عميقة بعيدة ، أن يقبلوا عهد الحديبية بينهم وبين المسلمين. وكان من شروطه أنه ان جاء أحد من مكة فارأ الى المدينة ردّه المسلمون الى مكة ، واشتد هذا الشرط على المسلمين ، ولكن الرسول عليه الصلاة والسّلام ، قال لأصحابه : «انه من ذهب منا اليهم فأبعده الله ، ومن جاءنا منهم فرددناه ، فسيجعل الله له فرجا ومخرجا».
وبعد كتابة عهد الحديبية ، ورجوع النبي صلىاللهعليهوسلم الى المدينة جاءه أبو بصير عتبة بن أسيد الثقفي. جاءه هاربا من مكة بعد أن أسلم. وجاء وراءه رجلان من أهل مكة يطلبان ردّه اليهم فأبى وفاء النبي الا أن ينفذ الشرط ، ولما تألم أبو بصير من ذلك ، قال له النبي عليه الصلاة والسّلام : «يا أبا بصير ، انا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت (من العهد) ، ولا يصلح في ديننا الغدر. وان الله جاعل لك ومن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا». وقد حقق الله تعالى ظن رسوله ورجاءه بعد قليل (١).
وهناك موقف مشابه لموقف أبي بصير السالف الذكر ، وهذا الموقف المشابه يتعلق بأبي جندل بن سهيل بن عمرو ، فقد كان والده ممثلا للمشركين في عهد الحديبية ، ولكن ابنه أبا جندل أسلم وهرب واتجه الى
__________________
(١) انظر كتابي «الفداء في الاسلام» ص ٧٠ ـ ٧٥. الطبعة الاولى.