وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ). ويقول في سورة التوبة : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ). ويقول في سورة الرعد : (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ ، لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ، وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ ، قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ). ويقول في سورة الفرقان : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً ..). الخ.
ولقد أراد الله جل جلاله ـ وهو أعلم بمراده ـ أن يعلّم نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يبدأ بأخذ الحيطة والأهبة والاعداد والاستعداد ، في المواطن التي تحتاج الى هذا ، وأن يستعين بآراء من حوله من أهل العلم والخبرة والبصر بالأمور ، فاذا انتهى الى رأي أو خطة ، أقدم على التطبيق والتنفيذ ، في همة وعزيمة ومضاء ، متوكلا على الله ، مستمدا من نصره وهداه ، واثقا بأنه مولاه ولا مولى له سواه ، فذلك حيث يقول له : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ، فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) ، ومعنى هذا ـ كما يبين تفسير المنار ـ أنك اذا عزمت بعد المشاورة في الأمر ، على امضاء ما ترجحه الشورى ، وأعددت له عدته ، فتوكل على الله في امضائه ، وكن واثقا بمعونته ، وتأييده لك فيه ، ولا تنكل على حولك وقوتك ، بل اعلم أن وراء ما أتيته وما أوتيته قوة أعلى وأكمل هي قوة الله جل جلاله ، ويجب أن تكون بها الثقة ، وعليها المعول ، واليها الملجأ ، اذا تقطعت الأسباب ، وأغلقت الابواب.
وان العزم على الفعل ، وان أتى بعد التفكير والمشاورة واحكام الرأي واعداد العدة ، لا يكفي للنجاح الا بمعونة الله وتوفيقه ، لان الموانع الخارجية للنجاح والعوائق دونه ، لا يحيط بها الا الله تعالى ، فلا بد للمؤمنين من الاتكال عليه ، والاعتماد على حوله وقوته. والله