(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). أي عزيز لا يذل من استجار به ، ولا يهون من لاذ بجنابه ، والتجأ الى حماه ، وهو حكيم لا يعجز عن تدبير من توكل على تدبيره.
*
ويقرر ابن القيم في «مدارج السالكين» أن العباد درجات في التوكل ومنازله ، فأولياء الله وخاصته يتوكلون عليه في الايمان ، ونصرة دينه ، واعلاء كلمته ، وجهاد أعدائه ، وفي محابّه وتنفيذ أوامره ، ودون هؤلاء من يتوكل عليه في استقامته في نفسه ، وحفظ حاله مع الله فارغا عن الناس ، ودون هؤلاء من يتوكل عليه في معلوم يناله منه ، من رزق أو عافية ، أو نصر على عدو ، أو زوجة أو ولد ، ونحو ذلك ... الخ.
ولكي يتم التوكل وتكمل درجاته يحتاج الى لوازم هي :
١ ـ معرفة الرب وصفاته ، وان الأشياء صادرة عن مشيئته وقدرته.
٢ ـ اثبات الأشياء والمسببات ، والأخذ بالاسباب.
٣ ـ اخلاص القلب في توحيده لله بلا شريك.
٤ ـ اعتماد القلب على الله ، واستناده اليه.
٥ ـ حسن الظن بالله عزوجل.
٦ ـ استسلام القلب لله ، وانجذاب دواعيه اليه.
٧ ـ التفويض ، والقاء الأمور كلها الى الله تبارك وتعالى.
وهذا كله يثمر الرضى بما يقضي به الله سبحانه ، ولذلك سئل يحيى بن معاذ : متى يكون الانسان متوكلا؟. فأجاب : اذا رضي بالله وكيلا.
وينبغي أن نقرر ونكرر ونؤكد أن التوكل لا يعارض السعي ولا يناقضه ، بل انه يدعو اليه ويستوعبه ، والله جل جلاله هو الذي يتحدث