ويشير الحق جل جلاله الى المواطن الشديدة التي ينبغي ان يتحلى فيها المؤمن بحسن الرجاء في الله ، لأنه المنقذ منها ، فيقول في سورة النحل : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ؟ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ؟ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ. أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ؟ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
وورد في الحديث القدسي ما يدعو الى التحلي بالرجاء في الله ، والحث على حسن الظن به ، فقال : «أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما يشاء». وقال : «يا ابن آدم ، انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي». وأكد الحديث النبوي هذا المعنى الجميل النبيل فقال : «لا يموتن أحدكم الا وهو يحسن الظن بربه».
ويرى الامام ابن القيم أن منزلة الرجاء منزلة كريمة سامية ، لأنها تكشف عن فضيلة جليلة عالية ، وهو يبسط هذا المعنى بعبارته التي تذكر أن الرجاء هو «هو عبودية ، وتعلق بالله من حيث اسمه «المحسن البر» ، فذلك التعلق والتعبد بهذا الاسم والمعرفة لله ، هو الذي أوجب للعبد الرجاء ، من حيث يدري ومن حيث لا يدري ، فقوة الرجاء على حسب قوة المعرفة بالله وأسمائه وصفاته ، وغلبة رحمته غضبه ، ولو لا روح الرجاء لعطّلت عبودية القلب والجوارح ، وهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ، بل لو لا روح الرجاء لما تحركت الجوارح بالطاعة ، ولو لا ريحه الطيبة لما جرت سفن الأعمال في بحر الارادات».
ثم يسوق أبياتا من الشعر يقول فيها :
لو لا التعلق بالرجاء تقطعت |
|
نفس المحب تحسرا وتمزقا |
وكذاك لو لا برده بحرارة الأ |
|
كباد ذابت بالحجاب تحرقا |
أيكون قط حليف حب لا يرى |
|
برجائه لحبيبه متعلقا؟ |