والاحسان أن يعطي الانسان أكثر مما عليه ، ويأخذ أقل مما له ، فالاحسان زائد على العدل ، ولذلك كان تحري العدل مفروضا واجبا ، وكان تحري الاحسان مندوبا مستحبا.
ومن هذا القبيل قول الله سبحانه في سورة البقرة : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ، وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ، وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). وقوله في سورة النساء : (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ، وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ، وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً). وقوله في سورة لقمان : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ، وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ).
وذكر القرآن الاحسان ، بمعنى حسن المعاملة ، وليس هناك من هو أحق بحسن المعاملة أكثر من الوالدين ، ولذلك أكد القرآن الكريم الدعوة الى احسان المعاملة معهما ، فقال في سورة النساء : (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ، وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً). وقال في سورة الأنعام : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ، أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ، وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً). وقال في سورة الاسراء : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ، وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً). وقال في سورة الأحقاف : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً).
واذا كان الوالدان هما أحق الناس بأن يتحلى الانسان معهما باحسان المعاملة ، فليس معنى هذا أن ينسى الانسان فضيلة الاحسان مع غيرهما ، فهناك الاحسان الى الاولاد ، والزوجة ، والأقارب ، والجيران ، وسائر الناس.
وهذا حجة الاسلام أبو حامد الغزالي يقول : «وقد أمر الله تعالى