بالعدل والاحسان جميعا ، والعدل سبب النجاة فقط ، وهو يجري من التجارة مجرى رأس المال ، والاحسان سبب الفوز ونيل السعادة ، وهو يجري مجرى الربح ، ولا يعد من العقلاء من قنع في معاملات الدنيا برأس ماله ، فكذا في معاملات الآخرة ، فلا ينبغي للمتدين ان يقتصر على العدل واجتناب الظلم ، ويدع أبواب الاحسان ، وقد قال الله تعالى : (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) ، وقال عزوجل : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) ، وقال سبحانه تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). ونعني بالاحسان فعل ما ينتفع به المعامل ، وهو غير واجب عليه ، ولكنه تفضل منه ، فان الواجب يدخل في العدل وترك الظلم».
ويعود حجة الاسلام الى الحديث عن الاحسان في استيفاء الحقوق والديون ، وهو لون من ألوان الاحسان في المعاملات ، فيقول : «والاحسان فيه مرة بالمسامحة وحط البعض ، ومرة بالامهال والتأخير ، ومرة بالمساهلة في طلب جودة النقد ، وكل ذلك مندوب اليه ومحثوث عليه.
قال النبي صلىاللهعليهوسلم : (رحم الله امرأ سهل البيع ، سهل الشراء ، سهل القضاء ، سهل الاقتضاء). فليغتنم دعاء الرسول صلىاللهعليهوسلم : (اسمح يسمح لك). وقال صلىاللهعليهوسلم : (من أنظر معسرا ، أو ترك له ، حاسبه الله حسابا يسيرا). وفي لفظ آخر : أظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله».
* * *
وهكذا نجد ان مجال الاحسان يتسع ويتسع ، حتى يشمل مجموعة من فضائل الاعمال ومكارم الاخلاق ، ولعل هذا هو بعض السر في أن المفسرين ذكروا معاني كثيرة لكلمة «الإحسان» الواردة في سورة النحل من القرآن الكريم ، فوردت في تفاسيرهم هذه المعاني للكلمة : «أداء الفرائض ـ القيام بالنوافل ـ الاخلاص لله ـ قول كل حسن ـ أن