والتوبة تصاحب الانسانية منذ أبيها الاول «آدم» عليهالسلام. ولذلك نجد القرآن الكريم يقول في سورة البقرة : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١). وكانت التوبة دعوة الانبياء والرسل منذ القدم ، فهذا ابراهيم عليهالسلام يقول كما جاء في سورة البقرة مخاطبا ربه : (وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (٢) ، وهذا «هود» عليهالسلام يقول لقومه كما جاء في سورة هود : (وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ). وهذا هو «صالح» عليهالسلام يقول عنه القرآن في السورة نفسها : (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ ، هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها ، فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ، إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ). وهذا هو «شعيب» عليهالسلام يقول لقومه في السورة نفسها : (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ، إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) (٣).
وهذا هو «موسى» عليهالسلام ، يلجأ الى التوبة ، ليتخذ منها مسلكا الى غفران ربه ورضاه ، فنجد في سورة الاعراف قوله تعالى : (فَلَمَّا أَفاقَ قالَ : سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (٤)
وفي سورة التوبة يقول القرآن المجيد : (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة) (٥). وفي السورة نفسها يجعل الله صفة التوبة أول صفة يذكرها لاولئك الذين اشتروا الجنة من ربهم ، ببيع نفوسهم واموالهم ، فيقول : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٦).
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٣٧.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٢٨.
(٣) سورة هود ، الآيات ٥٢ و ٦١ و ٩٠ على التوالي.
(٤) سورة الاعراف ، الآية ١٤٣.
(٥) سورة التوبة ، الآية ١١٧.
(٦) سورة التوبة ، الآية ١١٢.