الاخبار ـ : «والقول الآخر أنه لا يشترط الاعلام بما نال من عرضه وقذفه واغنيابه ، بل يكفي توبته بينه وبين الله ، وأن يذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه بضد ما ذكره به من الغيبة ، فيبدل غيبته بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه ، وقذفه بذكر عفته واحصانه ، ويستغفر له بقدر ما اغتابه ، وهذا اختيار شيخنا ابي العباس ابن تيمية قدس الله روحه.
واحتج أصحاب هذه المقالة بأن اعلامه مفسدة محضة لا تتضمن مصلحة ، فانه لا يزيده الا أذى وحنقا وغما ، وقد كان مستريحا قبل سماعه ، فاذا سمعه ربما لم يصبر على حمله ، وأورثه ضررا في نفسه أو بدنه ، كما قال الشاعر :
فان الذي يؤذيك منه سماعه |
|
وان الذي قالوا وراءك لم يقل |
وما كان هكذا فان الشارع لا يبيحه ، فضلا عن أن يوجبه ويأمر به.
قالوا : وربما كان اعلامه به سببا للعداوة والحرب بينه وبين القائل ، فلا يصفو له ابدا ، ويورثه علمه به عداوة وبغضاء مولدة لشر أكبر من شر الغيبة والقذف ، وهذا ضد. مقصود الشارع من تأليف القلوب والتراحم والتعاطف والتحابب.
قالوا : والفرق بين ذلك وبين الحقوق المالية وجنايات الابدان من وجهين : أحدهما أنه قد ينتفع بها اذا رجعت اليه ، فلا يجوز اخفاؤها عنه ، فانه محض حقه ، فيجب عليه أداؤه اليه ، بخلاف الغيبة والقذف ، فانه ليس هناك شيء ينفعه يؤديه اليه ، الا اضراره وتهييجه فقط ، فقياس أحدهما على الاخر من أفسد القياس.
والثاني انه اذا أعلمه بها لم تؤذه ولم تهج منه غضبا ولا عداوة ،