اللبن الى الضرع». وقال الحسن البصري : «هي ان يكون العبد نادما على ما مضى ، مجمعا على أن لا يعود فيه». وقال الكلبي : «ان يستغفر باللسان ، ويندم بالقلب ، ويمسك بالبدن». وقال محمد بن كعب القرظي : «يجمعها أربعة أشياء : الاستغفار باللسان ، والاقلاع بالابدان ، واضمار ترك العود بالجنان ، ومهاجرة سيء الاخوان».
* * *
ولقد أطال الصوفية الحديث عن التوبة ، وفصلوا القول في معانيها تفصيلا ، وهي عند البصراء منهم أصل من أصولهم السبعة التي يكمل بها التصوف ، وهي : التمسك بكتاب الله تعالى : والاقتداء بسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، وأكل الحلال ، وكف الاذى ، واجتناب الآثام ، وأداء الحقوق ، والتوبة. وبعضهم يرى أن عمق الندم على ارتكاب الاثم هو المنبع الذي ينبثق منه رحيق التوبة ، ولذلك يقول ان شجرة التوبة تسقى بماء الندم ، ويرى بعض آخر منهم أن عماد التوبة هو أن ترى جرأتك على الله تعالى بارتكاب الذنب ، فتستعظم ذلك ، وترى حلم الله عنك فلا تغتر به.
وهم يرون أن التوبة فرض ، وأنها واجبة على جميع المذنبين وفي كل الذنوب ، ولذلك يقول عمرو بن عثمان المكي : «التوبة فرض على جميع المذنبين والعاصين ، صغر الذنب أو كبر ، وليس لاحد عذر في ترك التوبة بعد ارتكاب المعصية ، لان المعاصي كلها قد توعد الله عليها أهلها ، ولا يسقط عنهم الوعيد الا بالتوبة ، وهذا ما يبين ان التوبة فرض».
واذا كانت التوبة عند الصوفية مقامات ـ كما يشرح ذلك ابن القيم ـ فان منها مقاما لا يعرفه الا المحبون لله تعالى ، الذين يستقلون