يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) (١).
وقال ـ سبحانه ـ : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ، هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) (٢).
قال ابن كثير : وهذه الآية كقوله ـ تعالى ـ : (قالَ فِيها تَحْيَوْنَ ، وَفِيها تَمُوتُونَ ، وَمِنْها تُخْرَجُونَ) (٣).
وفي الحديث الذي في السنن أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حضر جنازة فلما دفن الميت أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر ثم قال : «منها خلقناكم» ثم أخذ أخرى وقال : «وفيها نعيدكم» ثم أخرى وقال : «ومنها نخرجكم تارة أخرى» (٤).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى) بيان للموقف الجحودى الذي وقفه فرعون من الحجج والمعجزات التي طرحها أمامه موسى ـ عليهالسلام ـ.
وأريناه : من الرؤية البصرية المتعدية إلى مفعول واحد فلما دخلت عليها الهمزة تعدت إلى اثنين أولهما الهاء والثاني آياتنا.
والإضافة في (آياتِنا) قائمة مقام التعريف العهدي. أى : آياتنا المعهودة لموسى ، والتي على رأسها اليد والعصا.
والمعنى : ولقد أرينا فرعون بعينيه آياتنا كلها الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا وصدق نبينا موسى ، فكانت نتيجة ذلك أن كذب بها ، وأبى أن يستجيب للحق ..
كما قال ـ تعالى ـ : (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) (٥).
وكما قال ـ سبحانه ـ : (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) (٦).
والآية الكريمة تؤكد جحود فرعون وطغيانه بجملة من المؤكدات ، وهي لام القسم ، وقد ، والرؤية البصرية ، ولفظ «كل» الدال على الشمول والإحاطة.
والفاء في قوله (فَكَذَّبَ) للتعقيب ، أى : فكذب بدون تريث أو تمهل.
والمفعول محذوف. أى : فكذب الآيات أو فكذب موسى بدون تردد أو تأخير.
والتعبير بقوله (فَكَذَّبَ وَأَبى) لزيادة ذمه وتحقير شأنه. لأنه لم يكتف بالتكذيب بل أضاف إلى ذلك الامتناع عن قبول الآيات ، والجحود لها ، والتعالي على من جاء بها كما ينبئ
__________________
(١) سورة المعارج الآيتان ٤٢ ، ٤٣.
(٢) سورة يس الآيتان ٥١ ، ٥٢.
(٣) سورة الأعراف الآية ٢٥.
(٤) تفسير ابن كثير ج ٣ ص ٢٩٢.
(٥) سورة الأعراف الآية ١٣٢.
(٦) سورة الزخرف الآية ٤٧.