السلام ـ معارضة من هو على الباطل لمن هو على الحق ، وقد كنا لا نملك أن نعصيك.
وخصوا السحر بالذكر مع دخوله في خطاياهم ، للإشعار بشدة نفورهم منه ، وبكثرة كراهيتهم له بعد أن هداهم الله إلى الإيمان.
وقوله : (وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى) تذييل قصدوا به الرد على قول فرعون لهم : (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى).
أى : والله ـ تعالى ـ خير ثوابا منك يا فرعون ، وأبقى جزاء وعطاء ، فإن ثوابه ـ سبحانه ـ لا نقص معه ، وعطاءه أبقى من كل عطاء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً ...) يصح أن يكون كلاما مستأنفا ساقه الله ـ تعالى ـ لبيان سوء عاقبة المجرمين ، وحسن عاقبة المؤمنين.
ويصح أن يكون من بقية كلام السحرة في ردهم على فرعون.
والمعنى : (إِنَّهُ) أى الحال والشأن (مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ) يوم القيامة في حال كونه (مُجْرِماً).
أى : مرتكبا لجريمة الكفر والشرك بالله ـ تعالى ـ (فَإِنَّ لَهُ) أى : لهذا المجرم (جَهَنَّمَ) يعذب فيها عذابا شديدا من مظاهره أنه (لا يَمُوتُ فِيها) فيستريح (وَلا يَحْيى) حياة فيها راحة.
كما قال ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا ، وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها ، كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) (١).
ثم بين ـ سبحانه ـ حسن عاقبة المؤمنين فقال : (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً) به إيمانا حقا ، و (قَدْ عَمِلَ) الأعمال (الصَّالِحاتِ) بجانب إيمانه. (فَأُولئِكَ) الموصوفون بتلك الصفات (لَهُمُ) بسبب إيمانهم وعملهم الصالح (الدَّرَجاتُ الْعُلى) أى : المنازل الرفيعة ، والمكانة السامية.
وقوله : (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) يدل على الدرجات العلى.
أى : لهم جنات باقية دائمة تجرى من تحت أشجارها وثمارها الأنهار (خالِدِينَ فِيها) خلودا أبديا.
(وَذلِكَ) العطاء الجزيل الباقي جزاء من تزكى ، أى من تطهر وتجرد من دنس الكفر والمعاصي.
__________________
(١) سورة فاطر الآية ٣٦.