إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١) وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ)(٨٢)
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَداوُدَ) منصوب ـ أيضا ـ بفعل مقدر ، أو معطوف على قوله سبحانه ـ قبل ذلك : (وَنُوحاً إِذْ نادى).
وسليمان هو ابن داود ، وكلاهما من أنبياء الله ـ سبحانه ـ ، وينتهى نسبهما إلى يعقوب ـ عليهالسلام ـ وكانت وفاتهما قبل ميلاد المسيح ـ عليهالسلام ـ بألف سنة تقريبا ، وقد جمع الله ـ تعالى ـ لهما بين الملك والنبوة.
والحرث : الزرع. قيل : كان كرما ـ أى عنبا ـ تدلت عناقيده.
وقوله : (نَفَشَتْ) من النفش وهو الرعي بالليل خاصة. يقال : نفشت الغنم والإبل ، إذا رعت ليلا بدون راع.
وقد ذكر المفسرون عند تفسيرهم لهذه الآيات روايات ملخصها : أن رجلين دخلا على داود ـ عليهالسلام ـ أحدهما صاحب زرع ، والآخر صاحب غنم ، فقال صاحب الزرع لداود : يا نبي الله ، إن غنم هذا قد نفشت في حرثى فلم تبق منه شيئا ، فحكم داود ـ عليهالسلام ـ لصاحب الزرع أن يأخذ غنم خصمه في مقابل إتلافها لزرعه.
وعند خروجهما التقيا بسليمان ـ عليهالسلام ـ فأخبراه بحكم أبيه. فدخل سليمان على أبيه فقال له : يا نبي الله ، إن القضاء غير ما قضيت ، فقال له : كيف؟ قال : ادفع الغنم إلى صاحب الزرع لينتفع بها ، وادفع الزرع إلى صاحب الغنم ليقوم عليها حتى يعود كما كان. ثم يعيد كل منهما إلى صاحبه ما تحت يده ، فيأخذ صاحب الزرع زرعه ، وصاحب الغنم غنمه .. فقال داود ـ عليهالسلام ـ القضاء ما قضيت يا سليمان (١).
والمعنى : اذكر ـ أيها الرسول الكريم ـ قصة داود وسليمان ، وقت أن كانا يحكمان في الزرع الذي «نفشت فيه غنم القوم» أى : تفرقت فيه وانتشرت ليلا دون أن يكون معها راع فرعته وأفسدته.
قال القرطبي : «ولم يرد ـ سبحانه ـ بقوله (إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) : الاجتماع في
__________________
(١) راجع تفسير ابن جرير ج ١٧ ص ٣٨ ، وتفسير ابن كثير ج ٥ ص ٣٤٩.