قال بعضهم : آذن منقول من أذن إذا علم ، ولكنه كثر استعماله في إجرائه مجرى الإنذار والتحذير ، (١).
أى : فإن أعرضوا عن دعوتك ـ أيها الرسول الكريم ـ فقل لهم : لقد أعلمتكم وأخبرتكم بما أمرنى ربي أن أعلمكم وأخبركم به ، ولم أخص أحدا منكم بهذا الإعلام دون غيره ، وإنما أخبرتكم جميعا «على سواء» أى : حال كونكم جميعا مستوين في العلم.
فقوله : (عَلى سَواءٍ) في موضع الحال من المفعول الأول لآذنتكم. أى : فقد أعلمتكم ما أمرنى ربي به حالة كونهم مستوين في هذا العلم.
ويجوز أن يكون الجار والمجرور في موضع الصفة لمصدر مقدر. أى : فقد آذنتكم إيذانا على سواء.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) إرشاد منه ـ سبحانه ـ لنبيه صلىاللهعليهوسلم إلى ما يقوله لهم ـ أيضا ـ في حال إعراضهم عن دعوته.
و «إن» نافية. أى : فإن أعرضوا عن دعوتك يا محمد ، فقل لهم : لقد أعلمتكم جميعا بما أمرنى الله بتبليغه إليكم ، وإنى بعد هذا التبليغ والتحذير ما أدرى وما أعرف ، أقريب أم بعيد ما توعدون به من العذاب ، أو من غلبة المسلمين عليكم ، أو من قيام الساعة. فإن علم ذلك وغيره إلى الله ـ تعالى ـ وحده ، وما أنا إلا مبلغ عنه.
وقوله تعالى : (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ).
فهو ـ سبحانه ـ الذي يعلم ما تجهرون به وما تسرونه من أقوال وأعمال. ويعلم ـ أيضا ـ ما تكتمونه في نفوسكم من كفر وجحود وكراهية لي ولأتباعى ، وسيعاقبكم ـ سبحانه ـ على ذلك العقاب الذي تستحقونه.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) زيادة في تأكيد أن علم ما سينزل بهم من عقاب مرده إلى الله ـ تعالى ـ وحده.
أى : وإنى ـ أيضا ـ ما أدرى ، لعل تأخير عقابكم ـ بعد أن أعرضتم عن دعوتي ـ من باب الامتحان والاختبار لكم ، أو من باب الاستدراج لكم إلى حين مقدر عنده ـ سبحانه ـ ، ثم يأخذكم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر.
وفي إسناد علم ما سينزل بهم إلى الله ـ تعالى ـ وحده ، تخويف لهم أى : تخويف ، وأدب
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ١٤٩.