الكافرون. وبقوله : (بِبَعْضٍ) المؤمنون.
والصوامع : جمع صومعة ، وهي بناء مرتفع يتخذه الرهبان معابد لهم.
والبيع : جمع بيعة ـ بكسر الباء ـ وهي كنائس النصارى التي لا تختص بالرهبان.
والصلوات : أماكن العبادة لليهود.
أى : ولو لا أن الله ـ تعالى ـ أباح للمؤمنين قتال المشركين ، لعاث المشركون في الأرض فسادا ، ولهدموا في زمن موسى وعيسى أماكن العبادة الخاصة بأتباعهما ، ولهدموا في زمن الرسول صلىاللهعليهوسلم المساجد التي تقام فيها الصلاة.
قال القرطبي : قوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ...) أى : ولو لا ما شرعه الله ـ تعالى ـ للأنبياء والمؤمنين من قتال الأعداء لاستولى أهل الشرك. وعطلوا ما بناه أهل الديانات من مواضع العبادات ولكنه دفع بأن أوجب القتال ليتفرغ أهل الدين للعبادة. فالجهاد أمر متقدم في الأمم. وبه صلحت الشرائع ، واجتمعت المتعبدات ، فكأنه قال : أذن في القتال فليقاتل المؤمنون. ثم قوى هذا الأمر في القتال بقوله : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ ...) الآية أى : لو لا الجهاد والقتال لتغلب أهل الباطل على أهل الحق في كل أمة ... (١).
فالآية الكريمة تفيد أن الله ـ تعالى ـ قد شرع القتال لإعلاء الحق وإزهاق الباطل ، ولو لا ذلك لاختل هذا العالم ، وانتشر فيه الفساد.
والتعبير بقوله ـ تعالى ـ : (لَهُدِّمَتْ) بالتشديد للإشعار بأن عدم مشروعية القتال ، يؤدى إلى فساد ذريع ، وإلى تحطيم شديد لأماكن العبادة والطاعة لله ـ عزوجل ـ.
وقدم الصوامع والبيع والصلوات على المساجد ، باعتبار أنها أقدم منها في الوجود ، أو للانتقال من الشريف إلى الأشرف.
ثم ساق ـ سبحانه ـ بأسلوب مؤكد سنة من سننه التي لا تتخلف فقال : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
أى : والله لينصرن ـ سبحانه ـ من ينصر دينه وأولياءه ، لأنه ـ تعالى ـ هو القوى على كل فعل يريده ، العزيز الذي لا يغالبه مغالب ، ولا ينازعه منازع.
وقد أنجز ـ سبحانه ـ وعده وسنته ، فسلط عباده المؤمنين من المهاجرين والأنصار ، على
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٢ ص ٧٠.