الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٥٦) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٥٧) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ)(٥٩)
قال الجمل : «لما ذكر ـ سبحانه ـ حال الكافرين أولا ، ثم حال المؤمنين ثانيا ، عاد إلى شرح حال الكافرين ، فهو رجوع لقوله : (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) والمرية بالكسر والضم. لغتان مشهورتان (١).
والضمير في قوله : (مِنْهُ) يعود إلى القرآن الكريم ، أو إلى ما جاء به الرسول من عند ربه ، وقيل إلى ما ألقاه الشيطان.
وقد رجح ابن جرير كونه للقرآن فقال : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : هي كناية من ذكر القرآن الذي أحكم الله آياته وذلك أن لك من ذكر قوله : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ..) أقرب منه من ذكر قوله (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ..) (٢).
والمعنى ولا يزال الذين كفروا في شك وريب مما أوحاه الله إليك من قرآن ، بسبب قسوة قلوبهم ، واستيلاء الجحود والعناد على نفوسهم.
وسيستمرون على هذه الحال (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ) أى : القيامة (بَغْتَةً) أى : فجأة (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) أى : لا مثل له في هوله وشدة عذابه ولا يوم بعده ، إذ كل يوم يلد ما بعده عن الأيام إلا هذا اليوم وهو يوم القيامة فإنه لا يوم بعده.
قال ابن كثير : «وقوله : (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) قال مجاهد : قال أبى بن كعب : هو يوم بدر.
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ١٧٦.
(٢) تفسير ابن جرير ج ١٧ ص ١٣٥.