يجمع فيه ماء المطر ، والمصانع : الحصون. وقال عبد الرزاق : المصانع عندنا بلغة اليمن : القصور العالية. ومعنى (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) راجين أن تخلدوا ، وقيل : إن لعل هنا للاستفهام التوبيخي ، أي : هل تخلدون ، كقولهم لعلك تشتمني ، أي : هل تشتمني. وقال الفراء : كيما تخلدوا : لا تتفكرون في الموت ، وقيل المعنى : كأنكم باقون مخلدون. قرأ الجمهور (تَخْلُدُونَ) مخففا. وقرأ قتادة بالتشديد. وحكى النحاس أن في بعض القراءات «كأنّكم مخلدون» وقرأ ابن مسعود «كي تخلدوا» (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) البطش السطوة والأخذ بالعنف. قال مجاهد وغيره : البطش العسف قتلا بالسيف وضربا بالسوط. والمعنى : فعلتم ذلك ظلما ، وقيل : هو القتل على الغضب ، قال الحسن والكلبي : قيل والتقدير : وإذا أردتم البطش ، لئلا يتحد الشرط والجزاء ، وانتصاب جبارين : على الحال. قال الزجاج : إنما أنكر عليهم ذلك لأنه ظلم ، وأما في الحق ، فالبطش بالسوط والسيف جائز. ثم لما وصفهم بهذه الأوصاف القبيحة الدالة على الظلم ، والعتوّ ، والتمرّد ، والتجبر ، أمرهم بالتقوى فقال : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) أجمل التقوى ثم فصلها بقوله : (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) وأعاد الفعل للتقرير والتأكيد (وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) أي : بساتين ، وأنهار ، وأبيار. ثم وعظهم وحذرهم فقال : (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) إن كفرتم وأصررتم على ما أنتم فيه ولم تشكروا هذه النعم ، والمراد بالعذاب العظيم الدنيوي والأخروي.
وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس (قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ) أي : أنصدّقك؟. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد (وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) قال : الحوّاكون (١). وأخرج أيضا عن قتادة قال : سفلة الناس وأراذلهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس (الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) قال : الممتلئ. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أنه قال : أتدرون ما المشحون؟ قلنا : لا ، قال : هو الموقر. وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال : هو المثقل. وأخرج ابن جرير عنه أيضا : (بِكُلِّ رِيعٍ) قال : علما (تَعْبَثُونَ) قال : تلعبون. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا (بِكُلِّ رِيعٍ) قال : شرف. وأخرجوا أيضا عنه (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) قال : كأنكم تخلدون. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا (جَبَّارِينَ) قال : أقوياء.
(قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧) وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٤٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٤٢) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٤٥) أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلا تُطِيعُوا
__________________
(١). جمع حائك وهو الخياط. وكان أتباع النبي نوح عليهالسلام حاكة وحجّامين.