من آمن بمحمّد من أهل الكتاب ؛ كعبد الله بن سلام ، وسائر من آمن منهم إلا بالتي هي أحسن ، يعني : بالموافقة فيما حدّثوكم به من أخبار أهل الكتاب ، ويكون المراد بالذين ظلموا على هذا القول : هم الباقون على كفرهم. وقيل : هذه الآية منسوخة بآيات القتال ، وبذلك قال قتادة ، ومقاتل. قال النحاس : من قال منسوخة احتج بأن الآية مكية ، ولم يكن في ذلك الوقت قتال مفروض ، ولا طلب جزية ، ولا غير ذلك. قال سعيد بن جبير ومجاهد : إن المراد بالذين ظلموا منهم : الذين نصبوا القتال للمسلمين ، فجدالهم بالسيف حتى يسلموا ؛ أو يعطوا الجزية (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا) من القرآن (وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) من التوراة ، والإنجيل ، أي : آمنا بأنهما منزلان من عند الله ، وأنهما شريعة ثابتة إلى قيام الشريعة الإسلامية ، والبعثة المحمّدية ، ولا يدخل في ذلك ما حرّفوه وبدّلوه (وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ) لا شريك له ، ولا ضدّ ، ولا ندّ ، (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) أي : ونحن معاشر أمة محمّد مطيعون له خاصة ، لم نقل : عزير ابن الله ، ولا اتخذنا أحبارنا ورهباننا أربابا من دون الله ، ويحتمل أن يراد : ونحن جميعا منقادون له ، ولا يقدح في هذا الوجه كون انقياد المسلمين أتمّ من انقياد أهل الكتاب ، وطاعتهم أبلغ من طاعاتهم.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ) الآية قال : ذاك مثل ضربه الله لمن عبد غيره أن مثله كمثل بيت العنكبوت. وأخرج أبو داود في مراسيله عن يزيد بن مرثد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «العنكبوت شيطان مسخها الله فمن وجدها فليقتلها». وأخرج ابن أبي حاتم عن مزيد بن ميسرة قال : العنكبوت شيطان. وأخرج الخطيب عن عليّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «دخلت أنا وأبو بكر الغار فاجتمعت العنكبوت فنسجت بالباب فلا تقتلوهنّ» وروى القرطبي في تفسيره عن علي أيضا أنه قال : طهّروا بيوتكم من نسج العنكبوت فإنّ تركه في البيت يورث الفقر. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني قال : نسجت العنكبوت مرتين ، مرة على داود ، والثانية على النبيّ صلىاللهعليهوسلم. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) قال : في الصلاة منتهى ومزدجر عن المعاصي. وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن عمران بن حصين قال : سئل النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن قول الله (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) فقال : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له». وأخرج ابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا». وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، والبيهقي في الشعب عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له» وفي لفظ «لم يزدد بها من الله إلا بعدا». وأخرج الخطيب عن ابن عمر مرفوعا نحوه. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعا نحوه. قال السيوطي : وسنده ضعيف. وأخرج سعيد بن منصور ، وأحمد في الزهد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني في الشعب عنه نحوه موقوفا. قال ابن كثير في تفسيره : والأصح في هذا كله : الموقوفات عن ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والأعمش ، وغيرهم. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ،