وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ) قال : يكون عليه وزر لا يجد أحدا يحمل عنه من وزره شيئا.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠) وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٣٣) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (٣٥))
ثم ذكر سبحانه نوعا من أنواع قدرته الباهرة ، وخلقا من مخلوقاته البديعة فقال : (أَلَمْ تَرَ) والخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أو لكلّ من يصلح له (أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) وهذه الرؤية هي القلبية : أي ألم تعلم ، وأن واسمها وخبرها سدّت مسدّ المفعولين (فَأَخْرَجْنا بِهِ) أي : بالماء ، والنكتة في هذا الالتفات إظهار كمال العناية بالفعل لما فيه من الصنع البديع ، وانتصاب (مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) على الوصف لثمرات ، والمراد بالألوان : الأجناس والأصناف ، أي : بعضها أبيض ، وبعضها أحمر ، وبعضها أصفر ، وبعضها أخضر ، وبعضها أسود (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) الجدد جمع جدة ، وهي الطريق. قال الأخفش : ولو كان جمع جديد لقال جدد بضم الجيم والدال ، نحو سرير وسرر. قال زهير :
كأنه أسفع الخدين ذو جدد |
|
طاو ويرتع بعد الصّيف عريانا |
وقيل : الجدد القطع ، مأخوذ من جددت الشيء إذا قطعته ، حكاه ابن بحر. قال الجوهري : الجدة : الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه ، والجدة : الطريقة ، والجمع : جدد وجدائد ، ومن ذلك قول أبي ذؤيب :
جون السّراة له جدائد أربع (١)
قال المبرد : جدد : طرائق وخطوط. قال الواحدي : ونحو هذا قال المفسرون في تفسير الجدد. وقال الفراء : هي الطرق تكون في الجبال كالعروق بيض وسود وحمر واحدها جدة. والمعنى : أن الله سبحانه أخبر
__________________
(١). وصدر البيت : والدّهر لا يبقى على حدثانه.