قائمة الکتاب
سورة فاطر (35)
٣٨٧
إعدادات
فتح القدير [ ج ٤ ]
فتح القدير [ ج ٤ ]
تحمیل
عن جدد الجبال ، وهي طرائقها ، أو الخطوط التي فيها بأن لون بعضها البياض ولون بعضها الحمرة ، وهو معنى قوله : (بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) قرأ الجمهور «جدد» بضم الجيم وفتح الدال. وقرأ الزهري بضمهما جمع جديدة وروي عنه أنه قرأ بفتحهما وردّها أبو حاتم وصححها غيره وقال : الجدد الطريق الواضح البين (وَغَرابِيبُ سُودٌ) الغربيب : الشديد السواد الذي يشبه لونه لون الغراب. قال الجوهري : تقول هذا أسود غربيب : أي شديد السواد ، وإذا قلت غرابيب سود جعلت السود بدلا من غرابيب. قال الفراء : في الكلام تقديم وتأخير وتقديره : وسود غرابيب ، لأنه يقال أسود غربيب ، وقلّ ما يقال غربيب أسود ، وقوله : (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) صفة لجدد ، وقوله : (وَغَرابِيبُ) معطوف على جدد على معنى : ومن الجبال جدد بيض وحمر ، ومن الجبال غرابيب على لون واحد ، وهو السواد ، أو على حمر ، على معنى : ومن الجبال جدد بيض وحمر وسود. وقيل : معطوف على بيض ، ولا بدّ من تقدير مضاف محذوف قبل جدد ، أي : ومن الجبال ذو جدد ، لأن الجدد إنما هي ألوان بعضها (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) قوله مختلف : صفة لموصوف محذوف ، أي : ومنهم صنف ، أو نوع أو بعض مختلف ألوانه بالحمرة والسواد والبياض والخضرة والصفرة. قال الفراء : أي خلق مختلف ألوانه كاختلاف الثمرات والجبال ، وإنما ذكر سبحانه اختلاف الألوان في هذه الأشياء ، لأن هذا الاختلاف من أعظم الأدلة على قدرة الله وبديع صنعه ، ومعنى (كَذلِكَ) أي : مختلفا مثل ذلك الاختلاف ، وهو صفة لمصدر محذوف ، والتقدير مختلف ألوانه اختلافا كائنا كذلك ، أي : كاختلاف الجبال والثمار. وقرأ الزهري «والدواب» بتخفيف الباء. وقرأ ابن السميقع «ألوانها». وقيل : إن قوله : (كَذلِكَ) متعلق بما بعده ، أي : مثل ذلك المطر والاعتبار في مخلوقات الله ، واختلاف ألوانها ، يخشى الله من عباده العلماء ، وهذا اختاره ابن عطية ، وهو مردود بأن ما بعد إنما لا يعمل فيما قبلها. والراجح الوجه الأوّل ، والوقف على كذلك تامّ. ثم استؤنف الكلام وأخبر سبحانه بقوله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) أو هو من تتمة قوله : (إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) على معنى إنما يخشاه سبحانه بالغيب العالمون به ، وبما يليق به من صفاته الجليلة وأفعاله الجميلة ، وعلى كلّ تقدير فهو سبحانه قد عين في هذه الآية أهل خشيته ، وهم العلماء به وتعظيم قدرته. قال مجاهد : إنما العالم من خشي الله عزوجل وقال مسروق : كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار جهلا ، فمن كان أعلم بالله كان أخشاهم له. قال الربيع بن أنس : من لم يخش الله فليس بعالم. وقال الشعبي : العالم من خاف الله. ووجه تقديم المفعول أن المقام مقام حصر الفاعلية ولو أخر انعكس الأمر. وقرأ عمر بن عبد العزيز برفع الاسم الشريف ونصب العلماء ، ورويت هذه القراءة عن أبي حنيفة قال في الكشاف : الخشية في هذه القراءة استعارة ، والمعنى : أنه يجلّهم ويعظّمهم كما يجلّ المهيب المخشي من الرجال بين الناس ، وجملة : (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنه معاقب على معصيته غافر لمن تاب من عباده (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ) أي : يستمرّون على تلاوته ويداومونها. والكتاب : هو القرآن الكريم ، ولا وجه لما قيل إن المراد به جنس كتب الله (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) أي : فعلوها في أوقاتها مع كمال أركانها وأذكارها (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ