الضمير في مبعوثون لوقوع الفصل بينهما والهمزة للإنكار داخلة على حرف العطف ، ولهذا قرأ الجمهور بفتح الواو ، وقرأ ابن عامر وقالون بسكونها على أن أو هي العاطفة ، وليست الهمزة للاستفهام ، ثم أمر الله سبحانه رسوله بأن يجيب عنهم تبكيتا لهم ، فقال : (قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) أي : نعم تبعثون ، وأنتم صاغرون ذليلون. قال الواحدي : والدخور أشدّ الصغار ، وجملة وأنتم داخرون في محل نصب على الحال. ثم ذكر سبحانه أن بعثهم يقع بزجرة واحدة فقال : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) الضمير للقصة أو البعثة المفهومة مما قبلها ، أي : إنما قصة البعث أو البعثة زجرة واحدة ، أي : صيحة واحدة من إسرافيل بنفخة في الصور عند البعث (فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) أي : يبصرون ما يفعل الله بهم من العذاب. وقال الحسن : هي النفخة الثانية ، وسميت الصيحة زجرة ، لأن المقصود منها الزجر ، وقيل معنى ينظرون : ينتظرون ما يفعل بهم ، والأوّل أولى.
وقد أخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، من طرق عن ابن مسعود (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) قال : الملائكة (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) قال : الملائكة (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) قال : الملائكة. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر ، وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عنه أنه كان يقرأ (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) مخففة. وقال : إنهم كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون. وأخرج ابن جرير عنه أيضا في قوله : (عَذابٌ واصِبٌ) قال : دائم. وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في العظمة عنه أيضا إذا رمي الشهاب لم يخطئ من رمي به وتلا (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ). وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عنه أيضا (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) قال : لا يقتلون بالشهاب ولا يموتون ، ولكنها تحرق ، وتخبل ، وتجرح في غير قتل. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : (مِنْ طِينٍ لازِبٍ) قال : ملتصق. وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر عنه أيضا (مِنْ طِينٍ لازِبٍ) قال : اللزج الجيد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا قال : اللازب ، والحمأ ، والطين واحد : كان أوّله ترابا ثم صار حمأ منتنا ، ثم صار طينا لازبا ، فخلق الله منه آدم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : اللازب الذي يلصق بعضه إلى بعض. وأخرج الفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وصححه عن ابن مسعود أنه كان يقرأ (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) بالرفع للتاء من عجبت.
(وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤) ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ