بعده ، وأشهدت عليه خمسين من بني إسرائيل وكتب عليه بذلك كتابا ، فما شعر بفتنته أنه افتتن حتى ولدت سليمان ، وشب فتسوّر عليه الملكان المحراب وكان شأنهما ما قصّ الله في كتابه وخرّ داود ساجدا ، فغفر الله له وتاب عليه (١). وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب قال : ما أصاب داود بعد ما أصابه بعد القدر إلا من عجب بنفسه ، وذلك أنه قال : يا ربّ ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا وعابد من آل داود يعبدك يصلي لك أو يسبح أو يكبر وذكر أشياء ، فكره الله ذلك ، فقال : يا داود إن ذلك لم يكن إلا بي فلو لا عوني ما قويت عليه ، وعزّتي وجلالي لأكلنك إلى نفسك يوما ، قال : يا ربّ فأخبرني به ، فأخبر به فأصابته الفتنة ذلك اليوم. وأخرج أصل القصة الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس مرفوعا بإسناد ضعيف. وأخرجها ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس مطوّلة. وأخرجها جماعة من التابعين. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله : (إِنَّ هذا أَخِي) قال : على ديني. وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وأحمد في الزهد ، وابن جرير ، والطبراني عنه قال : ما زاد داود على أن (فَقالَ أَكْفِلْنِيها). وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (أَكْفِلْنِيها) قال ما زاد داود على أن قال : تحوّل لي عنها. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه في قوله : (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) يقول : قليل الذي هم فيه ، وفي قوله : (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ) قال : اختبرناه. وأخرج أحمد ، والبخاري ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه عنه أيضا أنه قال في السجود في ص ليست من عزائم السجود ، وقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسجد فيها. وأخرج النسائي وابن مردويه بسند جيد عنه أيضا أن النبي صلىاللهعليهوسلم سجد في ص وقال : سجدها داود ونسجدها شكرا. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم سجد في ص». وأخرج ابن مردويه عن أنس مثله مرفوعا. وأخرج الدارمي ، وأبو داود ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والدار قطني ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه عن أبي سعيد قال : «قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو على المنبر ص ، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ، فلما كان يوم آخر قرأها ، فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود ، فقال : إنما هي توبة ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود ، فنزل فسجد». وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه ذكر يوم القيامة فعظم شأنه وشدّته قال : ويقول الرحمن عزوجل لداود عليهالسلام مرّ بين يديّ ، فيقول داود : يا ربّ أخاف أن تدحضني خطيئتي ، فيقول خذ بقدمي ، فيأخذ بقدمه عزوجل فيمرّ ، قال : فتلك الزلفى التي قال الله (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ).
(يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (٢٦) وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ
__________________
(١). هذه القصة من الإسرائيليات التي لا يعتد بها ولا تجوز في حق داود عليهالسلام.