وقول الآخر :
ولمّا رأيت الشمس أشرق نورها |
|
تناولت منها حاجتي بيمين |
وقول الآخر :
عطست بأنف شامخ وتناولت |
|
يداي الثّريّا قاعدا غير قائم |
وجملة (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ) في محل نصب على الحال ، أي : ما عظموه حق تعظيمه ، والحال أنه متصف بهذه الصفة الدالة على كمال القدرة. قرأ الجمهور برفع «قبضته» على أنها خبر المبتدأ ، وقرأ الحسن بنصبها ، ووجه ابن خالويه بأنه على الظرفية : وقرأ الجمهور «مطويّات» بالرفع على أنها خبر المبتدأ ، والجملة في محل نصب على الحال كالتي قبلها ، وبيمينه متعلق بمطويات ، أو حال من الضمير في مطويات أو خبر ثان ، وقرأ عيسى والجحدري بنصب «مطويات» ، ووجه ذلك أن السموات معطوفة على الأرض ، وتكون قبضته خبرا عن الأرض والسموات ، وتكون مطويات حالا ، أو تكون مطويات منصوبة بفعل مقدّر ، وبيمينه الخبر ، وخصّ يوم القيامة بالذكر وإن كانت قدرته شاملة ، لأن الدعاوى تنقطع فيه كما قال سبحانه : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (١) وقال : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٢) ثم نزّه سبحانه نفسه فقال : (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) به من المعبودات التي يجعلونها شركاء له مع هذه القدرة العظيمة والحكمة الباهرة (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) هذه هي النفخة الأولى ، والصور : هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل ، وقد تقدّم غير مرة ، ومعنى صعق : زالت عقولهم فخرّوا مغشيا عليهم ، وقيل : ماتوا. قال الواحدي : قال المفسرون مات من الفزع ؛ وشدة الصوت أهل السموات والأرض. قرأ الجمهور (الصُّورِ) بسكون الواو ، وقرأ قتادة وزيد بن علي بفتحها جمع صورة ، والاستثناء في قوله : (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) متصل ، والمستثنى جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وقيل : رضوان ، وحملة العرش ، وخزنة الجنة والنار (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى) يجوز أن يكون أخرى في محل رفع على النيابة وهي صفة لمصدر محذوف ، أي : نفخة أخرى ، ويجوز أن يكون في محل نصب والقائم مقام الفاعل فيه (فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) يعني الخلق كلهم على أرجلهم ينظرون ما يقال لهم ، أو ينتظرون ذلك. قرأ الجمهور «قيام» بالرفع على أنه خبر ، وينظرون في محل نصب على الحال ، وقرأ زيد بن عليّ بالنصب على أنه حال ، والخبر ينظرون ، والعامل في الحال ما عمل في إذا الفجائية. قال الكسائي كما تقول خرجت فإذا زيد جالسا (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) الإشراق الإضاءة ، يقال أشرقت الشمس : إذا أضاءت ، وشرقت : إذا طلعت ، ومعنى بنور ربها : بعدل ربها ، قاله الحسن وغيره. وقال الضحاك : بحكم ربها ، والمعنى : أن الأرض أضاءت وأنارت بما أقامه الله من العدل بين أهلها ، وما قضى به من الحق فيهم ، فالعدل نور والظلم ظلمات. وقيل : إن الله يخلق نورا يوم القيامة يلبسه وجه الأرض ؛ فتشرق به غير نور الشمس والقمر ، ولا مانع من الحمل على المعنى الحقيقي ، فإن الله سبحانه هو نور السموات
__________________
(١). الحج : ٥٦.
(٢). الفاتحة : ٤.