تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) والمعنى : وحقّ أن مردّنا إلى الله ، وحقّ أن المسرفين إلخ (فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ) إذا نزل بكم العذاب وتعلمون أني قد بالغت في نصحكم وتذكيركم ، وفي هذا الإبهام من التخويف والتهديد ما لا يخفى (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) أي : أتوكل عليه وأسلم أمري إليه. قيل : إنه قال هذا لما أرادوا الإيقاع به. قال مقاتل : هرب هذا المؤمن إلى الجبل فلم يقدروا عليه. وقيل : القائل هو موسى ، والأوّل أولى (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) أي : وقاه الله ما أرادوا به من المكر السيئ ، وما أرادوه به من الشرّ. قال قتادة : نجاه الله مع بني إسرائيل (وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) أي : أحاط بهم ، ونزل عليهم سوء العذاب. قال الكسائي : يقال حاق يحيق حيقا وحيوقا : إذا نزل ولزم. قال الكلبي : غرقوا في البحر ودخلوا النار ، والمراد بآل فرعون : فرعون وقومه ، وترك التصريح به للاستغناء بذكرهم عن ذكره لكونه أولى بذلك منهم ، أو المراد بآل فرعون فرعون نفسه. والأوّل أولى لأنهم قد عذبوا في الدنيا جميعا بالغرق ، وسيعذبون في الآخرة بالنار ثم بين سبحانه ما أجمله من سوء العذاب ، فقال : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) فارتفاع النار على أنها بدل من سوء العذاب ، وقيل : على أنها خبر مبتدأ محذوف ، أو : مبتدأ ، وخبره : يعرضون ، والأوّل أولى ورجحه الزجاج وعلى الوجهين الأخيرين تكون الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر. وقريء بالنصب على تقدير فعل يفسره يعرضون من حيث المعنى ، أي : يصلون النار يعرضون عليها ، أو على الاختصاص ، وأجاز الفرّاء الخفض على البدل من العذاب. وذهب الجمهور أن هذا العرض هو في البرزخ ، وقيل : هو في الآخرة. قال الفراء : ويكون في الآية تقديم وتأخير ، أي : أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب النار يعرضون عليها غدوّا وعشيا ، ولا ملجئ إلى هذا التكلف ، فإن قوله : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) يدل دلالة واضحة على أن ذلك العرض هو في البرزخ ، وقوله : (أَدْخِلُوا) هو بتقدير القول : أي يقال للملائكة أدخلوا آل فرعون ، و (أَشَدَّ الْعَذابِ) هو عذاب النار. قرأ حمزة ، والكسائي ، ونافع ، وحفص «أدخلوا» بفتح الهمزة وكسر الخاء ، وهو على تقدير القول كما ذكر. وقرأ الباقون «ادخلوا» بهمزة وصل من دخل يدخل أمرا لآل فرعون بالدخول بتقدير حرف النداء ، أي : ادخلوا يا آل فرعون أشدّ العذاب (وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ) الظرف منصوب بإضمار اذكر. والمعنى : اذكر لقومك وقت تخاصمهم في النار ، ثم بين سبحانه هذا التخاصم فقال : (فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) عن الانقياد للأنبياء والاتباع لهم ، وهم رؤساء الكفر (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) جمع لتابع ، كخدم وخادم ، أو مصدر واقع موقع اسم الفاعل ، أي : تابعين أو على حذف مضاف ، أي : ذوي تبع. قال البصريون : التبع يكون واحدا ويكون جمعا. وقال الكوفيون هو جمع لا واحد له (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ) أي : هل تدفعون عنا نصيبا منها ، أو تحملونه معنا ، وانتصاب نصيبا بفعل مقدّر يدل عليه مغنون : أي : هل تدفعون عنا نصيبا أو تمنعون على تضمينه معنى حاملين ، أي : هل أنتم حاملون معنا نصيبا ، أو على المصدرية هل تدفعون عنا نصيبا أو تمنعون على تضمينه معنى حاملين ، أي : هل أنتم حاملون معنا نصيبا ، أو على المصدرية (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها) هذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر والمعنى : إنا نحن وأنتم جميعا في جهنم ، فكيف نغني عنكم. قرأ الجمهور «كلّ» ، بالرّفع على الابتداء ، وخبره «فيها» ، والجملة خبر