و (بِرَبِّكَ) في موضع رفع على أنه الفاعل لكيف ، والباء زائدة ، و (أَنَّهُ) بدل من ربك والهمزة للإنكار. والمعنى : ألم يغنهم عن الآيات الموعودة المبينة لحقية القرآن أنه سبحانه شهيد على جميع الأشياء. وقيل المعنى : أو لم يكف بربك يا محمد أنه شاهد على أعمال الكفار. وقيل : أو لم يكف بربك شاهدا على أن القرآن منزل من عنده ، والشهيد : بمعنى العالم ، أو هو بمعنى الشهادة التي هي الحضور. قال الزجاج : ومعنى الكناية هاهنا أن الله عزوجل قد بين لهم ما فيه كفاية في الدلالة ، والمعنى : أو لم يكف ربك أنه على كل شيء شهيد شاهد للأشياء لا يغيب عنه شيء (أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ) أي : في شك من البعث والحساب ، والثواب والعقاب (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) أحاط علمه بجميع المعلومات ، وأحاطت قدرته بجميع المقدورات ، يقال أحاط يحيط إحاطة وحيطة ، وفي هذا وعيد شديد لأن من أحاط بكل شيء بحيث لا يخفى عليه شيء جازى المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته.
وقد أخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : في قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) سبق لهم من الله حين وأجل هم بالغوه. وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن مجاهد في قوله : (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها) قال : حين تطلع. وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (آذَنَّاكَ) قال : أعلمناك. وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن عكرمة في قوله : (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ) قال : لا يملّ. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد في قوله : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) قال : محمدا صلىاللهعليهوسلم. وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر عنه في الآية قال : ما يفتح الله من القرى (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) قال : فتح مكة. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : أمسك المطر عن الأرض كلها (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) قال : البلايا التي تكون في أجسامهم. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في الآية قال : كانوا يسافرون فيرون آثار عاد وثمود ، فيقولون : والله لقد صدق محمد. وما أراهم في أنفسهم : قال الأمراض.
* * *