يودوا الله وأن يتقرّبوا إليه بطاعته ، ولكنه يشدّ من عضد هذا أنه تفسير مرفوع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإسناده عند أحمد في المسند هكذا : حدّثنا حسن بن موسى حدّثنا قزعة بن سويد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم فذكره. ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن قزعة به. وأخرج ابن المبارك ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في الشعب. قال السيوطي بسند صحيح عن أبي هانئ الخولاني قال : سمعت عمر بن حريث وغيره يقولون : إنما نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) وذلك أنهم قالوا لو أن لنا ، فتمنوا الدنيا. وأخرج الحاكم وصححه ، والبيهقي في الشعب عن عليّ مثله.
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٣١) وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٥) فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٢) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣))
ذكر سبحانه بعض آياته على كمال قدرته الموجبة لتوحيده ، وصدق ما وعد به من البعث ، فقال : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : خلقهما على هذه الكيفية العجيبة ، والصنعة الغريبة (وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) يجوز عطفه على خلق ، ويجوز عطفه على السموات ، والدابة : اسم لكل ما دبّ. قال الفراء : أراد ما بث في الأرض دون السماء كقوله : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (١) وإنما يخرج من الملح دون العذب. وقال أبو عليّ الفارسي : تقديره وما بثّ في أحدهما ، فحذف المضاف. قال مجاهد : يدخل في هذا الملائكة والناس ، وقد قال تعالى : (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢) (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ) أي : حشرهم يوم القيامة (إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) الظرف متعلق بجمعهم لا بقدير قال أبو البقاء ؛ لأن ذلك يؤدي : وهو على جمعهم قدير إذا يشاء ، فتتعلق القدرة بالمشيئة ، وهو محال. قال شهاب الدين : ولا أدري ما وجه كونه محالا على
__________________
(١). الرحمن : ٢٢.
(٢). النحل : ٨.