وابن أبي حاتم عن طارق بن شهاب قال : كنت عند عبد الله فذكر عنده موت الفجأة فقال : تخفيف على المؤمن وحسرة على الكافر ، فلما آسفونا انتقمنا منهم.
(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨) إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٢) وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٦٦) الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (٧٠) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (٧١) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ (٧٣))
لما قال سبحانه (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) تعلق المشركون بأمر عيسى وقالوا : ما يريد محمد إلّا أن نتخذه إلها كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم ، فأنزل الله (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً) كذا قال قتادة ومجاهد. وقال الواحدي : أكثر المفسرين على أن هذه الآية نزلت في مجادلة ابن الزبعرى مع النبي صلىاللهعليهوسلم لما نزل قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) (١) فقال ابن الزبعرى : خصمتك وربّ الكعبة ، أليست النصارى يعبدون المسيح واليهود عزيرا وبنو مليح الملائكة؟ ففرح بذلك من قوله ، فأنزل الله (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (٢) ونزلت هذه الآية المذكورة هنا ، وقد مضى هذا في سورة الأنبياء. ولا يخفاك أن ما قاله ابن الزبعرى مندفع من أصله وباطل برمته ، فإن الله سبحانه قال : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) ولم يقل ومن تعبدون حتى يدخل في ذلك العقلاء كالمسيح ، وعزير ، والملائكة (إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) أي : إذا قومك يا محمد من ذلك المثل المضروب يصدّون ، أي : يضجون ويصيحون فرحا بذلك المثل المضروب ، والمراد بقوله هنا : كفار قريش. قرأ الجمهور «يصدّون» بكسر الصاد ، وقرأ نافع ، وابن عامر ، والكسائي بضمها. قال الكسائي ، والفراء ، والزجاج ، والأخفش : هما لغتان ومعناهما : يضجون قال الجوهري : صدّ يصدّ صديدا : أي ضجّ. وقيل : إنه بالضم ، الإعراض ، وبالكسر من الضجيج ، قاله قطرب. قال أبو عبيد : لو كانت من الصدود
__________________
(١). الأنبياء : ٩٨.
(٢). الأنبياء : ١٠١.