غربت ولا يغرب كل يوم فيه ؛ فإن لها مغارب ومشارق ومع أنها تغرب على قوم وتطلع على آخرين ، ومع ما ورد في حديث أبي ذر ، قال له : أتدري أين تذهب فقال : إنها ...... (١).
قوله تعالى : (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً).
إما للتخيير أو للتفصيل ؛ أي للتخيير في أنواع العذاب إما تعذيبهم بالقتل أو بالأسر وهو بالحسن ، أو للتفصيل للتخيير ؛ بمعنى إما أن تعذبهم وإما أن تحسن إليهم فاختار هو حملها.
قال ابن عرفة : وبدأ بمغرب الشمس قبل مطلعها ؛ إشارة إلى ما يقول الحكماء أول الفكر أجر العمل ، وهي العلة الغائبة تنبيها للإنسان على النظر في عواقب الأمور ، وأنه يكون على حذر من أجرته فيعمل على ما يحصلها ، وإذا أراد أن يفعل أمرا تفكر في عواقبه وحينئذ يفعله.
قوله تعالى : (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً).
العطف بثم إشارة إلى المهملة التي بين فعله الأول والثاني لا سيما [٥١ / ٢٤٦] مع كونه ملكا لا ينتهي يهمنا أمره إلا بعد طول ومهلة.
قيل لابن عرفة : ذكروا أن عمره أربعون سنة ، والمعمور من الأرض مسافة ثمانين فكيف مشى هذا المقدار؟ فقال : هذا خرق عادة والرجل نبي أو ولي أو ملك فلا يستغرب في حقه أن يقطع المسافة الطويلة على الزمن القليل.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ).
ابن عرفة : قالوا : ما الحكمة في إدخال لفظة (إِذا) في الجمع ؛ مع أنك إنما تقول : إنما سرت حتى أدخل المدينة ، فهلا قال : حتى بلغ مغرب الشمس ، وحتى بلغ مطلعها؟ فأجيب بأن لفظة (إِذا) تفيد القصد أنها بعد العامية ، كقولك : سرت حتى أبلغ مكة فأعتمر ، إن العمرة مقصودة لك من أول احتراز من أن يكون فعلك لها إشاريا اختياريا من غير قصد له ، وكذلك هنا إنما كان سيره ليبلغ أول المعمور وآخره ، فيدعوا الناس إلى الإيمان بالله لا أنه كان اتفاقيا ، قال : وقرأ الأكثرون بالفتح في سورة (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [سورة القدر : ١] لوضوح إرادة المكان هنا ، ووضوح إرادة الزمان هناك أو المصدر.
__________________
(١) بياض في المخطوطة.