الأعراف : ١٦٣] تهم بهم ، قالوا : وذو القرنين إما اسم علم له أو صفة ، وذكروا فيه وجوها :
إما أنه ضرب في القرن الأيمن من رأسه جرحا ومات بسببه ؛ فأحياه الله ، فضرب في قرنه الأيسر جرحا فمات ؛ فأحياه الله.
وحكى ابن عطية ، عن علي : أنه ملك ، وعن عمر : أنه ليس بنبي ولا ملك ، وحكى الزمخشري العكس سواء.
قوله تعالى : (قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً).
ولم يقل : إن شاء الله مع أنه أمر بأن لا يقول الشيء إني فاعله غدا إلا أن يشاء الله ، واكتفى بذكره ذلك هناك عن حكاية هنا ، والآية على تقدير مضاف إما أولا وآخرا فإن قدرته.
قلت : ويسألونك عن حال ذي القرنين ، فيعود الضمير في قوله تعالى : (عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) على حاله ، وإن لم يقدره أولا فيحتاج إلى تقديره آخرا ؛ أي سأتلوا عليكم من خبره ذكرا ، وتنوين (ذِكْراً) إما للتقليل إشارة إلى عظم حاله ، وإلا لم ينكر إلا أقله للتعظيم ، وأن النفي ذكر منه ، وإن قل فهو عظيم في ذاته ، قال تعالى في قصة أهل الكهف (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) [سورة الكهف : ١٣] ، ولم يقل : من نبأهم ، وقال تعالى (قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) لأن قصة أهل الكهف منحصرة ، وأمر هذا الرجل غير منحصر.
قوله تعالى : (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ).
ابن عرفة : إن كان أمر تبليغ هذا اللفظ فيكون حكاية لكلام الله تعالى ؛ أي قل لهم إنا مكنا له في الأرض ، وإن كان من كلام الله فيكون شبه التفات ، وإلا كان يقال : إن الله مكن له في الأرض.
قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ).
إن كان نبيا فيكون المراد العموم في الأنواع والتبعيض في إعادتها ؛ فأدنى بعض كل نوع ؛ لأن النبي لا يصد عنه شيء.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ).
لأنها تغرب فيها حقيقة ؛ لأن العين جزء من الأرض ، والشمس أكبر من الأرض بكثير فكيف تغرب الجرم الكبير في الصغير؟ فالمراد أن ذلك المحل رآها منه حتى