هؤلاء يفهمون كلاما مع أن الكلام هو المفيد ، والقول يطلق على المفيد وغيره ؛ فالكلمة الواحدة قول وليست بكلام ؛ فالقول يطلق على التصورات ، والكلام يطلق على التصديقات ، قال : والجواب أنهم إذا لم يفهموا القول المطلق على المطلق فأحرى أن لا يفهموا الكلام.
قوله تعالى : (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ).
مع أنهم لا يفهمون القول ، فكلفهم لهذا الكلام لغاية اضطرارهم إليه على عادة المريض أو العاجز عن الكلام ، أنه لا يتكلم إلا عند الحاجة الفادحة والضرورة التي لابد له منها.
قوله تعالى : (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً).
يؤخذ منه أن الإنسان إذا طلب من الملك حاجة يعلم أنه يقوم بها ولا يحتاج [٥١ / ٢٤٧] إلى معونته فيها فإنه يبدأ بنفسه ويعرض لها في الإعانة بها ؛ فلذلك قالوا : (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) مع علمهم بعدم افتقاره إلى ذلك لكثرة جنوده وماله.
قوله تعالى : (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ).
مثل قوله تعالى : (فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) [سورة الأعراف : ١٤٥].
قوله تعالى : (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ).
قرئ (آتُونِي) بمعنى أعطوني ، وقرئ (آتُونِي) من الإتيان بمعنى المجيء ؛ فزبر على هذا منصوبة بإسقاط حرف الجر ؛ أي بزبر الحديد.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ).
قالوا : (انْفُخُوا حَتَّى) غاية والغيا بها مقدر تقديره فآتوه ما طلب ، وأخذ في بناء السد (حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) قال : انفخوا فنفخوا حتى إذا جعله نارا ، والمساواة إما بمعنى أنه صعد بالبناء حتى ساوى أعلا الجبلين في الارتفاع ، وإما بمعنى أنه كان يبني بناء مساويا لعرض الصدفين ؛ أي للجانب الذي ظهر يأجوج ومأجوج من الصدفين ؛ فيصعد مثلا مقدار إقامة ويقد عليه حتى يصير نارا ؛ فيفرغ عليه القطر ثم يبني فوقه بناء آخر مساويا لوجه الصدفين فيصعد به مثل ذلك ؛ حتى علا به إلى أن ساوى أعلا الجبلين من غير زيادة عليهما ولا نقصان.
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً).