فرده ابن عرفة بأن القلب مجاز ، والتأكيد يرفع المجاز ، ولذلك احتجوا به في قوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) [سورة النساء : ١٦٤] على صحة وقوع الكلام من الله حقيقة ، وإلا كان يقول : أنه من باب القلب (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) [سورة النساء : ١٦٤].
قوله تعالى : (كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي).
ظاهره عام في المؤمنين والكافرين ؛ فلذلك أضاف الذكر إلى الله تعالى.
قوله تعالى : (إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً).
إنما قال : الكافرين ، ولم يقل : أعتدنا جهنم لهم لاحتمال عود الضمير على لفظ عبادي وهم الملائكة.
قوله تعالى : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً).
قال ابن عرفة : هذا استفهام حقيقة ، كأنه يقول : هل نخبركم بالأخسرين أعمالا ، إن سألتهم عنهم فهم الذين ضل سعيهم ، وقال هنا (نُنَبِّئُكُمْ) بالنون.
وقال في الشعر :
أهل أنبئكم على من تنزل الشياطين
وقال في سورة آل عمران (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) [سورة آل عمران : ١٥] ، وقال : (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) [سورة آل عمران : ٤٩] فعبر في هؤلاء بهمزة المتكلم وحده ، وهما بنون من غيره لوضوح مدلول هذه وخفاء مدلول تلك الآيات ، وتوقف صحتها على المعجزة ، والمعنى ضل في الآخرة سعيهم في الدنيا ؛ لأن كل ما عملوه يذهب عنهم ولا يجدونه فأشبه الضالة الذاهب ، قال : وأسند الضلال للسعي والإحسان للصنع ؛ لأن السعي أعم من الصنع فناسب إسناده إلى الضلال ؛ لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص ، والضلال نفي والإحسان إثبات ، فصار كقوله تعالى : (فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) [سورة البقرة : ١٧].
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ).
قال ابن عرفة : يؤخذ منها أن جحد المعاد محبط للعمل ، وأنه كفر ، قيل له : إنما أحبط أعمالهم اتصافهم بالكفر وجحد المعاد معا ، فقال : بل كل واحد من الأمرين كاف في ذلك بدليل أن مجرد الكفر كاف في إحباط العمل ، وكذلك جحد المعاد.