قوله تعالى : (وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا).
إن قلت : ما الفائدة فيه؟ فالجواب : إنه دليل على صحة ما يقولون من أن ذا القرنين كان عالما بقواعد المنطق ؛ لأن هذا قياس شرطي استغنى فيه عن المقدم فينتج عين الثاني ، فيقال : كلما جاء وعد ربي جعله دكاء ، والمقدم حق فالثاني حق ؛ أي وعد ربي حق فجعله دكاء حق ؛ لأن ذا القرنين قرأ على أرسطاطاليس.
قيل لابن عرفة : وكان أرسطاطاليس فيلسوفا طبائعيا ، وذو القرنين سني ، فقال : وكذا [٥١ / ٢٤٧] إمام الحرمين سني وشيخة الجبائي معتزلي.
قوله تعالى : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ).
قال ابن عرفة : انظر هل يؤخذ منه أن الترك فعل ؛ أي جعلنا بعضهم يموج في بعض؟
قيل لابن عرفة : إن الأصوليين ما جعلوا الترك إلا الكف عن الشيء ؛ فكذلك سعوا إلى الله تعالى.
فقال ابن عرفة : بل أجازوا نسبته إليهم بدليل أنهم ألزموا من يقول به قدم العالم.
قوله تعالى : (إِنْ أُرِيدُ).
إن يأجوج ومأجوج فيكون التنوين عوضا عن الجملة في قوله تعالى : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) أي يوم عدم استطاعتهم ، وتكون إذ على بابها ظرف زمان لما مضى حقيقة ، أو أريد جميع فيكون التنوين عوضا من جملة مجيئها كذا الله تعالى وهو يوم القيامة ، ويكون إذا ما ظرف زمان لما يستقبل ، أو ماضيه في معنى المستقبل ، مثل : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [سورة النحل : ١] ولذلك قرأتها بقوله (يَمُوجُ) وهو مستقبل.
قوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً).
التأكيد بالمصدر لتحقيق الجمع ؛ إما في نفسه ؛ فيكون تأكيد الجمع ، أو باعتبار الزمان ؛ فيكون تأسيسا ، فأفاد الفعل جمع أجزائهم ، وأفاد الثاني الإتيان بهم مجتمعين في زمن واحد للحساب ؛ فهو على الأول مصدر مؤكد لنفسه ، وعلى الثاني مؤكد لغيره.
قوله تعالى : (وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً).
قال ابن عطية : يحتمل أن يكون هذا من باب القلب ؛ أي عرضناهم على جهنم.