قيل لابن عرفة : ما أفاد قوله تعالى : (تَحْمِلُهُ) مع أن (بِهِ) يغني عنه؟ فأجاب بأنه احتراس عن أن يظن ، قيل له : هلا استغنى بقوله (تَحْمِلُهُ) عن قوله : (بِهِ؟) فقال : أفاد ذكره التفسير بعد الإجمال ، كما قال في قوله تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ) [سورة البقرة : ١٢٧] ، قال وعادتهم يقولون : يقدرون أن الفعل يقتضي التكلف ، واحتمال الميثاق بخلاف الاسم ، كقولك : جاء زيد يحمل عمرا ؛ بخلاف قولك : حامل عمرو ، ولا شك أن عليها في دخولها به قريتها وهم كبير ومشقة لاستحيائها منهم.
قوله تعالى : (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا).
قال ابن عرفة : فيه إيماء إلى أن الأصل له أثر في الفرع ، ولذلك قال ..... (١) ، لعله عرف نزعه.
قوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا).
ابن عرفة : (مَنْ) إما عبارة عن الأنواع أو عن الأشخاص ؛ فإن كانت للأنواع فالمعنى كيف نكلم من هو من هذا النوع؟ فتبقى كان على أصلها ؛ لأن هذا النوع مضى منه كثير.
قال ابن عرفة : وعادتهم يوردون في هذا سؤالا ؛ وهو أن الصواب إن كان يقال : كيف نسمع كلام من كان في المهد صبيا؟ أو كيف يجيبنا من كان في المهد صبيا؟ لأنهم قد تكلموا وكلامهم وإنكارهم إنما هو عليهم لا على الصبي ، وقد كلموها وما بقى لهم إلا السماع ، قال : فكان الجواب يمشي بتقدير خدمة ؛ أي إنما أجنبنا المسئول لا غيره ، ونحن إنما نتكلم ونسأل من هو أهل ؛ لأن يتكلم ، ومن كان في المهد صبيا لا يتكلم.
قوله تعالى : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ).
إنما لم يقل : وأمرني ؛ لأنه صغير لم يبلغ هذا التكليف.
قوله تعالى : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِ).
قيل لابن عرفة : يحتمل أن يكون الحق بدلا من عيسى بدل اشتمال ، وقد نصوا على جواز بدل المصدر من الاسم في بدل الاشتمال ؛ فرد عليه بأنه مشروط بضمير
__________________
(١) بياض في المخطوطة ، وسقط أيضا.