الثاني : أنه سئل عن علة العلم ، وأما الجاهل فلا يسأل عن علة الحكم ولا عن دليله بوجه.
الثالث : أنه إنما ذكره ليرتب عليه العقوبة في قوله (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا).
قال ابن عرفة : فإن قلت : هلا ابتدأ بالنداء قبل الاستفهام؟ فالجواب : أنه قدم الاستفهام ؛ لأنه الاسم المقصود.
قوله تعالى : (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا).
معطوف على مقدر ؛ أي فاحذرني واهجرني مليا.
قوله تعالى : (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ).
كان بعضهم يقول : أما سلام القادر فمطلوب مشروع ، وأما سلام المنصرف فغير مشروع ، ومنهم من قال : مشروع بدليل هذه الآية مع حديث خرجه أبو داود.
قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا).
فكان بعضهم يقول : الوصف بالنبوة تأكيدا ؛ لأن الرسالة أخص ، وكان بعضهم يجيب بأن الأعم على قسمين :
أعم لا يوجد إلا في أخصه المعين.
وأعم يوجد فيه وفي غيره ، فمثال الأول في قولك لرجل ميت : كان هذا إنسانا حيوانا ؛ فالأعم في هذا المثال لا يوجد إلا في أخصه المعين ؛ لأن كون ذلك الرجل حيوانا لا يمكن أن يوجد إلا مع كونه إنسان ، وكذلك الموصوف بعد الرسالة إن كان نبيا مدة من الزمان ، ثم كان رسولا بعد ذلك باستبعاد استقلال كل واحد من الوصفين فيه وفي غيره من الرسل أرسل وثبت واحدة.
قوله تعالى : (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ).
(مِنْ) للغاية ؛ أعني لابتدائها وانتهائها ، نحو : خذ المال من الصندوق ، وذلك من النسبة إلى المخاطب ، والوصف الأيمن إما مأخوذ من اليمن والبركة ، وإما باعتبار الشرف ، وإما باعتبار القوة والضعف ؛ لأن اليمين أقوى في التكسب والحركة من الشمال باعتبار الأعم الأغلب ، وقد يكون في بعض الناس على العكس.
قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا).