قد يقال : ظاهر الآية أن هارون عليهالسلام كان نبيا فقط ، فيجاب بأنه رسول نبي بدليل قوله تعالى : (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ) [سورة طه : ٤٣ ـ ٤٤] ، غير أن رسالته على جهة التبعية لموسى ؛ بقوله (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ) [سورة طه : ٢٩ ـ ٣٠].
قال الزمخشري : الرسول الذي معه من الله تعالى والنبي هو نبي عن الله تعالى ، وإن لم يكن معه كتاب كيوشع.
ابن عرفة : إنما الرسول المأمور بالتبليغ فيما أوحى له به ، والنبي هو الذي يوحى إليه ولم يؤمر بالتبليغ.
ابن عرفة : وفي هذه الآية عندي رد على شيخنا القاضي ابن عبد السّلام [٥٢ / ٢٥١] حيث كان في ميعاده ، يقول في تفسير طه في قوله تعالى : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) [سورة طه : ٣٦] بعد قوله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي) [سورة طه : ٢٩ ـ ٣٠] إلي من أمري ، قال : هذه الآية حجة للمعتزلة في قولهم : إن النبوة مكتسبة ، وكان ابن مرزوق يشنع عليه ، وعزم على تكفيره ؛ لكنه ذكره بأثره كلاما يدل على سلامة عقيدته مع أن تلك الآية لا حجة لهم فيها ؛ لأن القائلين بأنها مكتسبة بالدعاء والتفرغ إلى الله تعالى ؛ لكن قبل خاتم النبوة ، وأما الآن فلا ؛ لأن موسى دعا بذلك ؛ فاستجاب دعائه ، كما يدعوا الإنسان بأن يكون وليا أو عالما.
قال ابن عرفة : قال : فقوله في هذه الآية (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا) دليل على أن نبوة هارون عليهالسلام محض تفضل من الله تعالى ، ورحمته ليس باكتساب بوجه.
قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا).
ابن عرفة : هذا كله تشريف لإبراهيم صلّى الله على نبينا محمد وعليه وعلى آله وسلم بما يخصه في ذاته وما يخص ذريته ؛ لأن إسماعيل عليه الصلاة والسّلام من ذريته.
ابن عطية : الجمهور على أن الذبيح إسماعيل.
وقال ابن رشد في المقدمات : الأكثرون على أنه إسحاق.
وقال اللخمي : الأصح أنه إسماعيل.