ابن عرفة : وكان بعض الطلبة ، يقول : إطلاق صادق بلفظ اسم الفاعل على الذات حقيقة ، وعلى القول مجاز ، فيقال : رجل صادق ، وقول صادق ؛ فإنما الحقيقة قول صادق بوصف المعنى بالمعنى ، وظاهر الآية العكس ؛ لأنهم قالوا في قوله : مررت برجل حسن الوجه لا بصفته ، فكذلك هذا وصف إسماعيل بصفه وعده.
قال ابن عرفة : وأجيب الفرق بين القول والوعد والصدق ينسب إلى القائل في قوله حقيقة إلى صاحب الوعد مجاز ، أو إنما يقال : فلان وفى في وعد أوعدني فأوفى إلي ؛ فقولك كان هنا مجازا.
قوله تعالى : (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ).
إعادة لفظ كان تنبيه على أن كل وصف منها منتقل بالمدح عليه.
قوله تعالى : (وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا).
فيه تشريف له بوجهين :
أحدهما : أن لفظ الضدية منسوبة إلى الله عزوجل.
والثاني : وصف الرضا.
قال الزمخشري : أصله مرضو.
وقال ابن عطية : أصله مرضوي ، والصحيح ما قال الزمخشري ؛ لقوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) [سورة التوبة : ٧٢] فهو من ذوات الواو ، ولذلك لم يمد ورش مرضاة ، وأمالها الكسائي.
قلت : قال صاحبنا ابن القصار : اعتبر أصل المادة وهو رضو ؛ فجاءت واو في آخر الفعل قبلها كسرة فقلبت ياء ؛ لأن مصدره رضوان ، وراعا ابن عطية أصل الإعلال ؛ لأنه لما أعل رجح إلى الياء ، وأصل الإعلال عندهم إنما يعتبر في الفعل.
قيل لابن عرفة : اعتبر ابن عطية في الفعل ، وهو رضيت ورضينا.
قال ابن عطية : إنما وصف إسماعيل بصدق الوعد ؛ لأنه وعد رجلا أن يلقاه في موضع فانتظره إسماعيل يوما وليلة ، وقيل : انتظره سنة.
ابن عرفة : والعجب من الزمخشري على تأخره على ابن عطية كيف لم يذكر القول الأول؟