ابن عطية : أي جئت على مقدار محدود للنبوة التي أرادها الله منكم ، ومنه قول الشاعر :
أتى الخلافة إذ كانت له قدرا |
|
كما أتى ربه موسى على قدر |
قال ابن عرفة : هذا تشبيه قبيح ولفظه موهم لا ينبغي التمسك به ، وإن كان المعنى في نفسه صحيح ، قلت : والبيت يمدح عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، وقبله.
ممن يعدّك تكفي فقد والده |
|
كالفرخ في العش لم يدرج ولم يطر |
إنّا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا |
|
من الخليفة ما نرجو من المطر |
أتى الخلافة إذ كانت له قدرا |
|
كما أتى ربه موسى على قدر |
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها |
|
فمن لحاجه هذا الأرمل الذكر |
قوله تعالى : (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي).
قال ابن عرفة : ذكروا أنه لا يلزم من العطف صحة وقوع المعطوف عليه ، وهذا منه ؛ لأنه لا يجوز اذهب ، فإن قلت : كيف؟ قال : قد جئناك بأية من ربك بعد قوله اذهب بآياتي ، والجواب : أن الآية واحد بالنوع لا بالشخص.
قوله تعالى : (وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي).
[٥٣ / ٢٥٧] هذه حجة لمن يقول أن الأمر للتراخي ؛ لأن الأصل التأسيس وإلا كان يكون هذا تأكيدا ، والجواب بأن الأمر اقتضى كون الذهاب على الفور والنهي عن التوالي في الذكر لا في الذهاب ، واختلف المتعلق على الفخر ، والدليل أنه على الفخر ، والدليل أنه على التراخي تعيينه بكلام آخر خوطب به ، ولو كان على الفور لذهب موسى في الحال.
ورده ابن عرفة بأن الأمر إذا عقب بكلام مبني له لا يقدح في كونه على الفور.
قوله تعالى : اذهب (إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى).
اقتضت هذه حصول طغيانه ، وقال بعده : (قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى) فاقتضت تلك أن طغيانه متوقع في المستقبل ، وأجاب ابن عرفة : أن المتوقع دوام طغيانه ، ويؤيده قوله تعالى : (لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى).