قوله تعالى : (فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ).
حكى الإمام فخر الدين الخلاف في الراكب في السفينة ؛ هل يتحرك بحركتها أو هو ساكن ، وإنما يتحرك بتحرك السفينة ، وكذلك قذف الصندوق في البحر هل هو قذف لما فيه أم لا؟
قوله تعالى : (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ).
أمر في معنى الخبر ، وتقدم جواز ذلك وجواز عكسه ؛ لكن كان أحدهما أبلغ من الآخر والصواب العدول عن المرجوح إلى الراجح ، فيرد من السؤال هنا لما عبر بالمرجوح عن الراجح ، ويجاب بأنه إنما عدل عن الأمر إلى صيغة الخبر إشارة إلى الحضّ على امتثاله ؛ حتى كأنه واقع محقق فخبر عن وقوع ، ويعدل عن الخبر إلى الأمر إشارة إلى أنه بما يطلب وقوعه ، وهذا إذا كان مدلوله مستحسنا بخلاف ما إذا كان مستقبحا.
قوله تعالى : (فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ).
قال ابن عرفة : قدم قرور العين ؛ لأنه من باب جلب الملائم ، ونفى الحزن ؛ لأنه من باب رفع المؤلم فهو نزف.
قيل لابن عرفة : هما على طرفي النقيض فأحدهما يستلزم الآخر ، فقال : لا بل الأول سبب يقتضي دوام قرور العين ، والثاني : نفي يقتضي دوام نفي الحزن ، قال :
ومذهب أهل السنة والحكماء أفعال الله غير معللة ، ومذهب المعتزلة أنها معللة ، وظاهر الآية أنها حجة للمعتزلة ، والجواب بين الفرق وبين الفعل المعلل وبين فعل العلة ، فالله تعالى فعل هذا وفعل علته على سبيل ربط الأسباب بمسبباتها ، وأجاب بعض الطلبة أيضا : أن الممتنع إنما هو وجوب فعليتها فليس بممتنع عند الجميع (١).
قوله تعالى : (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً).
قال ابن عطية : أي اختبرناك.
قال ابن عرفة : هذه عبارة [.....] ممتنع في حق الله تعالى.
وقال الزمخشري : أي فعلنا بك فعل الخير وهو أصوب من كلام ابن عطية.
قوله تعالى : (ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى).
__________________
(١) ورد في الحاشية : (معنى قرة العين).