قال أبو حيان : لا يصح أن تكون سيرتها مفعولا به ؛ لأنه ظرف مكان مختص فرده إليه ؛ لأن بعضهم حكى أن الطريق ليس تطرف مختص بل هي عام ، وأجاب ابن عرفة بقوله تعالى : (سِيرَتَهَا الْأُولى) فلما أضاف وهي طريق مختصة به لأنها حالته الأولى كانت مختصة ، قال : وهذا التكلف مع هذه الآية ليؤمن مع أنه قد حصل الإيمان حقيقة ؛ لأن الله تعالى خلق في قلبه التصديق المعنوي ، وما يجب له وما يستحيل في حقه ؛ فالجواب بأن هذا تأسيس ليتدرب عليه فلا يستغرب ما وعده به ربه من كونها تسير حية في موطنه مع فرعون والسحرة ، وإما بأن العلم الضروري قسمان : فمنه عام ، ومنه خاص ، وقد يكون العلم الضروري عند بعض الناس صوريا وهو في نفسه نظر فهذا يصح التكليف به وليس بتحصيل الحاصل ؛ بخلاف الضروري الذي يعلمه كل أحد بالضرورة لا يصح التكليف به.
قوله تعالى : (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ).
يحتمل أن يكون حياتها تخفيفا لصحة الإعادة بعد الموت ، فلا يكون في الآية إشكال ، ويحتمل أن يريد بالحية الثعبان فيقع الإشكال ؛ كقوله تعالى : في الآية الأخرى : (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) [سورة النمل : ١٠].
قوله تعالى : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى).
قال ابن عرفة : عبر هنا بالذهاب ، [٥٣ / ٢٥٦] وفي غير هذا قوله ، (أَرْسَلْناكَ) وأنت ، فالجواب : أنه إنما اعتبر حال الرسول ، قيل (أَرْسَلْناهُ ،) وأن اعتبر حال المرسل إليهم قيل اذهب ولقيناك ، أو نحوه ؛ لأن لفظ الإرسال يقتضي التشريف.
قوله تعالى : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى).
قال ابن عرفة : هذا يحتمل أن يكون إنما أوحى عن إتيان الله تعالى به وذلك في الأولى ، وحذف الفاعل هنا للعلم ، وذكر في قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ) والمن : تارة يعبر به عن نفس النعمة ، وتارة يراد به التذكير بنعمة تقدمت ، كما في قوله تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) [سورة البقرة : ٢٦٤] فالمراد هنا بالمن نفس النعمة والتذكير بها تنبيه على أنها تفضل من الله تعالى ، وأنه لا يجب عليه شيء.
قوله تعالى : (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ).
تقدم في آية القذف ، آية (أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ) [سورة يوسف : ٩٦] لا يليق ذكره هنا.