قوله تعالى : (إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ).
قال ابن عرفة : عادة الطلبة يوردون في حسن الائتلاف : إن فتنتم به حاصلة موجودة لا يحتاج إلى حصر الربوبية له فهلا كان الأمر بالعكس ، قال : وأجيب به ليس المراد حصر الفتنة فيهم ولا حصرهم في الفتنة ، وإنما المراد حصر فتنتهم في العجل له في حدوثه وعجزه ، أما ظاهر ضروري معلوم بالبديهة على سبيل التوبيخ لهم والتصنيع [٥٣ / ٢٥٨] عليهم ، وإما كون الرحمن ربا لهم فالحصر فيه أمر قد علم من خارج بما يقدر عندهم من الدلائل والمعجزات السابقة ، وإما بأن المبتدأ لا بد أن يكون أخص من الخبر أو مساويا له ، فإن كان مساويا له فالحصر بين ، وأن كان أخص فكذلك فقد استفيد الحصر بقوله تعالى : (رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ).
قوله تعالى : (فَاتَّبِعُونِي).
ابن عرفة : أي فبما نهيتكم عنه ؛ بقوله تعالى : (إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ) أي اتبعوني في ترك عبادة العجل ، وأطيعوا أمري لكم بقولي : إن ربكم الرحمن فأمرتكم بعبادته.
وقال ابن عطية : فاتبعوني إلى الطور الذي وعدكم الله إليه ، وأطيعوا أمري فيما وعدتكم وذكرته لكم.
قوله تعالى : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ).
فيتعارض فيه المجاز باعتبار زيادة لا والإضمار ، وفيها ثلاثة أقول ثالثها أنها سواء.
قوله تعالى : (قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي).
إنما نسب إلى أمه ، كما ورد في الحديث الصحيح عن أم هانئ ، أنها قالت للنبي صلىاللهعليهوسلم : أن ابن أمي علي بن أبي طالب زعم أنه قاتل رجلا أجرته فلان ابن هبيرة ، فقال لها النبي صلىاللهعليهوسلم : " قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ" ، وكان علي بن أبي طالب أخاها شقيقا.
قوله تعالى : (إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً).
إن قلت : قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) توكيد لاقتضائه الأول الحصر فلا فائدة في الثاني ، والجواب : أن الأول مضاف إليهم فيقتضي حصر ألوهية الإله فيهم ، ولا يلزم من كونهم لا إله لهم غيره أن لا يكون لغيرهم إلى الفعل لغيرهم ربا غيره ، قيل