ولم يعطف السجود بالواو كما عطف ما قبله ؛ فالجواب : أن الركوع يستلزم السجود إذ لا يوجد ركوع إلا ويعقبه سجود بخلاف العكس مكانهما شيء واحد ، فلذلك لم يعطفهما ؛ لأن العطف يقتضي المغايرة.
فإن قلت : وجمع الطائفين والقائمين جمع سلامة ، وجمع الركع السجود جمع تكسير ، فالجواب : أن القيام أول أجزاء الصلاة ، ولا بد فيه النية وجمع السلامة إنما يصدق على العاقل فلا تجمع جمع سلامة ، والركوع والسجود في أثناء الصلاة لا يحتاج فيه أو بتحديد نية لأجل انسحاب حكم النية الأولى عليه ما شبه جمعه غير العاقل الذي لا نية ولا منكر ، قلت : أو يجاب بأن الطائفين والقائمين في الصلاة أقل من الركع السجود ، وأما الطواف فظاهر ؛ لأن الحجاج في الناس أقل من غيرهم ، وأما القيام في الصلاة فلأنه إنما كلف به الصحيح ، وأما المريض لم يكلف به بخلاف السجود والركوع ، فإن العاجز عن القيام يركع ويسجد.
قوله تعالى : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ).
قال ابن عرفة : على هنا للتعليل ، أي لأجل ما رزقهم حسبما قاله ابن مالك.
قوله تعالى : (وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ).
والمذهب على أنه يطعم منها من انفرد بأحد الوصفين ، كما يطعم من اجتمع فيه الوصفان ، قال : والجواب بالفرق بين الواحد بالنوع ، والواحد الشخص.
فإن قلت : [...] هذا الحب للحيوان الطائر والناطق فهو صحيح لإمكان اجتماع الأمرين فيه بكون المائي والحيواني باعتبار نوعه ، وأنه منوع للطائر ، وإلى ناطق باعتبار شخصه بالتكليف هنا [٥٥ / ٢٦٧] فإطعام الإنسان باعتبار نوعه المقسم إلى إنسان انفرد بأحدهما.
قوله تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ).
قال ابن عرفة : أشار بذلك احتراس من جهة أن قوله تعالى : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) ، تعظيم له فاحتراس من ذلك ونبه على أنه ينبغي لهم أن يعتقدوا أن الطواف بها لا بذاتها بل لكونها من شعائر الله فتعظيمها تعظيم لله.
قال الزمخشري : ذلك خبر المبتدأ ، أي الأمر والشأن ذلك كما يقرأ البيت جملة من قيامه في بعض المعاني ثم إذا أراد الخوض في معنى آخر قال هذا ، وقد كان كذا.