إن قلت : لم عطفت هذه بالواو وعطفت ، فأين قبلها بالفاء؟ فالجواب : بوجود أحدها للزمخشري قال : لأن الأولى : تقدمها جملة معطوفة بالفاء ، وهي قوله تعالى : (فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) [سورة الرعد : ٣٢] ، تكبر وهذه تقدمتها جملة معطوف بالواو ، وهي المشاكلة في كل واحدة منهما ، الثاني : قال ابن عرفة : كان بعضهم يقول : إنما عطفت الأولى بالفاء المقتضية للترتيب ؛ لأن الجمل السابقة عليها لا يمكن وقوعها بعدها بوجه إذ هي إخبار عن الأمم السالفة ، وعطف هذه بالواو ؛ لأن الجمل التي قبلها يمكن تقديمها عليها وتأخيرها ؛ لأن استعجالهم العذاب يمكن الإخبار عنه قبل الإخبار عن الإملاء ، يكون في القرى وبعده فيناسب الإتيان بالواو المقتضية للجمع ، ولا تقتضي ترتيب الثالث ، قال الفخر : عطفت الأولى بالفاء المقتضية للسبب ؛ لأن إهلاك أهل القرى (١) في إهلاك القرى.
قوله تعالى : (ثُمَّ أَخَذْتُها).
المهملة لما بين أول أزمة الإملاء وزمن الهلاك.
قوله تعالى : (إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ).
الحصر سبب السياق ، وسياق الانفطار للكفار ، فإن قلت : لما قال : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) ، وقال في الآخرين : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) قلنا : لما ذكر الزمخشري : من أن الآية إنما صيغت بالذات في معرض التخويف للكافرين ، فذلك شدد في خطابهم.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ).
قال الزمخشري : أي سابقين إلى المراد فيها وإبطالها من قولك : سابقت فلانا فسبقته ، وفي الحديث : " لو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا عليه".
قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ).
إن قلت : ما أفاد قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِكَ؟) فالجواب : إنه أفاد مع قولك من رسول التأكيد في عموم القبلية في الأمم المتقدمة ، والرسالة تارة يراد بها مطلق البعث ، وهو المعنى الأعم فيها ، وتارة يراد بها البعث والتبليغ لغيره ، والمراد بها في الآية المعنى الأعم ، لقوله تعالى : (مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) ، ولو أريد المعنى الأخص ، للزم استواء الرسول والنبي في المعنى ، مع أنهما مختلفان ، وإنما عطف النبي على
__________________
(١) كلمة غير واضحة بالمخطوطة.